عالقون على أبواب الأمل

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

ما نشاهده ونسمعه على مواقع التواصل الاجتماعي لا يكون دائماً ثمرة فبركات وشائعات غرضها التهويل ونشر الذعر بين البشر، بل إن ما يلتقطه الناس بكاميراتهم أحياناً يكون خير عاكس لواقع حقيقي قد يغيب عن كاميرات الإعلاميين، وربما لا يمكن تصديقه لولا اللقطة.
ما انتشر من مشاهد لمرضى يتلقون العلاج في الشوارع بسبب «التخمة» في المستشفيات خصوصاً في الصين وأوروبا، حسبناها موجة مؤلمة مرت على البشرية وانتهت مع تراجع حدة الوباء ومع تدارك الدول لضرورة تغذية القطاع الطبي ومنحه الأولوية في سياسات الدول وفي خططها الاقتصادية.. إنما يبدو أن ما عرّته كورونا من أحوال القطاع الصحي في كثير من الدول الكبرى، لا يقتصر على مرحلة عابرة فقط، بل استمر الوضع مأساوياً، ولا نفهم كيف تكون دولة كبرى ولا يجد فيها المريض سريراً في مستشفى أو حتى موعداً قريباً مهما كانت الحالة طارئة لزيارة طبيب متخصص مثلاً؟. 
كيف يمكن، وفي زمننا هذا، ألا يجد المرضى أسرة في مستشفيات بريطانيا مثلاً، حيث ينامون على الأرض يومين بانتظار حصولهم على سرير، ويقال إن هناك ما بين 300 و500 مريض يموتون كل أسبوع، «بسبب أزمة نقص الرعاية في أقسام الطوارئ»، ولو اعتبرناها حالة استثنائية سببها «الإضرابات وارتفاع أعداد المراجعين بسبب موجة الإنفلونزا والأمراض الفيروسية في الشتاء»!.
هل ما كشفت عنه جائحة كوفيد-١٩ من عدم جاهزية عالمنا لمواجهة الحالات الصحية الطارئة الكبرى وغير المتوقعة لم تأخذه كثير من الدول على محمل الجد بما يكفي، كي تضع الإنسان فعلياً على رأس قائمة اهتماماتها، فتحيطه بالرعاية الصحية أولاً وتضمن له الاستشفاء كلما احتاج اليه وهذا من أهم وأبسط حقوق الإنسان؟ 
نكاد لا نصدق أننا في عصر الذكاء الاصطناعي ويكاد الروبوت الآلي يحل محل الإنسان في وظيفته وعمله، وفي عصر التواصل المباشر والتجول بلمح البصر حول العالم، هناك إنسان يعاني ويئن ليس بسبب عدم قدرته على دفع فاتورة العلاج أو إجراء تحاليل أو الكشف لدى طبيب أو إجراء عملية.. بل لأنه لا مكان له في المستشفيات ويبقى معلقاً وعالقاً على أبواب الأمل ولوائح الانتظار لأيام وأسابيع وأحياناً لأشهر؛ ونحن هنا لا نتحدث عن دول فقيرة ولا عن أشخاص بائسين محرومين.. نتحدث عن عالم من المفترض أن يعيش فيه المرء مكرماً مطمئناً لأحواله الصحية ولوجود من يرعاه ويحتضنه إذا مرض، ونتحدث عن دول غربية كبرى ومتقدمة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y4sd227b

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"