كساد مزمن أم حرب إعلامية؟

00:18 صباحا
قراءة 3 دقائق

حذّر صندوق النقد الدولي من تباطؤ الاقتصاد العالمي خلال هذه السنة الجديدة، نتيجة تأثر مراكز القوة الاقتصادية في العالم بعوامل التضخم وارتفاع أسعار الفائدة وتواصل الحرب الأوكرانية وبسبب المخاوف من انتشار موجة جديدة لفيروس كوفيد- 19.
 وقالت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا إن عام 2023، سيكون «أصعب» من العام الماضي؛ إذ ستمر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين بفترة تباطؤ لاقتصاداتها. وفي الواقع فقد عدّل صندوق النقد من توقعات النمو خلال سنة 2022 أربع مرات متتالية حتى انتهت السنة على مؤشر 3.6 في المئة نتيجة تراجع قوي في أداء الاقتصاد الأمريكي، وتراجع توقعات النمو في الصين. 
 ولكن المؤشرات الصادرة من الصين تشير إلى أن الاقتصاد الصيني هو الوحيد من بين الاقتصادات الكبرى الذي حافظ على توازنات معقولة ببلوغه سقف 4.4 في المئة وهو أرفع من المعدل العالمي، ما يثبت أن الأزمة الاقتصادية الحقيقية تقع في الشطر الغربي من الكرة الأرضية لا في شرقها.
 صندوق النقد يعطي بيانات تربك في واقع الأمر أسواق المال و الاستثمارات الكبرى، كما تؤثر سلباً في أداء الحكومات، خاصة تلك التي لا تمتلك الحد الأدنى من مقومات الصمود في وجه العواصف المتلاحقة التي تضرب اقتصاداتها. الصينيون يرددون أن اقتصادهم لا يزال محافظاً على أدائه المستقر وأنه شهد نمواً خلال الربع الأخير من السنة المنقضية ويقدمون دلائل على أن السنة الجديدة ستكون أفضل من سنة 2022، ما جعل المراقبين محتارين في فهم هذه البيانات المتضاربة التي لا تخلو في واقع الأمر من خلفيات سياسية مفادها بأن الحرب في أوكرانيا لن تصيب في مقتل الغرب و إنما الصين أيضاً علماً بأن تصريحات المديرة التنفيذية لصندوق النقد صدرت بعد لقاء الرئيسين الصيني والروسي والذي تم خلاله إعلان شراكات واسعة بينهما، تصل إلى حد التحالف في مواجهة التحديات الغربية.
 لا شك في أن تأثيرات الحرب الأوكرانية ومخلفات الجائحة لها تأثيرات قوية في الاقتصاديات العالمية وخاصة منها الصغرى والضعيفة، لكن هناك مظاهر انتعاش في عدد من الدول التي استفادت من عائدات قطاع الطاقة التي شهدت طفرة قوية في سنة 2022، وهذه الطفرة ستتواصل في السنة الجديدة لأن العوامل التي أدت إلى ارتفاعها ما زالت مستمرة، ما يعني أن روسيا على سبيل المثال والدول النفطية والغازية ستشهد اقتصاداتها نمواً مطرداً في سنة 2023، كما أن تجمع «البريكس» على سبيل المثال و منطقة الخليج العربي هي مناطق تشهد استقراراً في النمو ونهضة تنموية لا يمكن حجبها. إذن من البديهي أن تكون المنطقة المتضررة هي أمريكا وأوروبا اللتان أسهمتا في إشعال نار الحرب في أوكرانيا وهما الآن تجنيان نتائج ما زرعتا من أزمات في المنطقة. والأرقام تثبت أن منطقتي أوروبا وأمريكا تعيشان على وضع ضغوط متنوعة أهمها ارتفاع نسب التضخم التي تتسبب بتراجع أداء محركات الاقتصاد الداخلية وأهمها تجارة التفصيل والخدمات، ثم ارتفاع كلفة المنتجات مما يحد من تنافسيتها عند التصدير، وهذا ما يجعل توقعات سوق العمل الأمريكية تبدو متدنية بحسب خبراء وإحصاءات تشير إلى أن نسبة البطالة في أمريكا ستقفز إلى 5.5 في المئة بعدما كانت في حدود 3 في المئة في السنة المنقضية. ونعتقد بأن استمرار هذه المناورات والتصريحات الإعلامية هي مساع محمومة لإحداث اختراق في جدار الصد الروسي والصيني من أجل وقف الحرب وتلافي نتائجها الوخيمة إذا ما استمرت لفترة أطول، لكن الغربيين يبحثون دائماً عن مصالحهم ولا يهتمون بمصير الشعوب التي ارتهنوها بقروضهم وبسياساتهم الاستعمارية المقيتة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdfrub6x

عن الكاتب

كاتب صحفي وباحث في قسم الحضارة بجامعة تونس

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"