عادي

نظام الحكم في الإسلام

22:52 مساء
قراءة 3 دقائق
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

يرجع نظام الحكم في الإسلام إلى الله تعالى، لأنه مصدر الأوامر والنواهي الشرعية، ولعل الهدف من هذا أن نضمن كرامة الإنسان وحرياته ومصالحه، ولو تركت هذه الأمور للعباد لساد الظلم مهما عدلوا لأنهم بشر.

وأما الأمة إذا حكموا فحكمهم عبارة عن استخلاف، وما على الحاكم إلا أن ينفذ الأوامر والنواهي، قال تعالى (يَا أيُّها الَّذينَ آمنُوا أطيعُوا الله وَأطيعُوا الرَّسول وَأولى الأمر منكُم..) الآية 59 من سورة النساء.

وجاءت السنة لتؤكد هذا، وعليه قام الإجماع.

وبالمناسبة، فإن الإسلام لم يقيدنا بهذا المبدأ؛ بل أخذ بالتدرج كيلا نعطل العقل تماماً، ولقد أوضح هذا المفهوم حديث معاذ بن جبل الذي بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم قاضياً إلى اليمن:

كيف تقضي يا معاذ إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: فبسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله؟ قال: أجتهد برأيي، ولا آلو.

فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدر معاذ وقال: الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله لما يرضي الله ورسوله. رواه أحمد وأبو داوود والترمذي.

والحاكم بما أنه مكلف من قبل رب العالمين عليه أن يلتزم في نظر الإسلام بمبادئ تضمن له الأمن والاستقرار والأمان، وهذه المبادئ تنحصر في ستة أشياء هي: الشورى، والعدل، والمساواة، وحماية كرامة الإنسان، والحرية والرقابة والمسؤولية.

وقد قال الله تعالى عن الشورى (وَأمرُهُم شُورى بَينهُم) الآية 38 من سورة الشورى، فالمستشار مؤتمن، والرسول كان يشاور أصحابه رغم أنه نبي يوحى إليه/ والخلفاء الراشدون استمروا على نهجه عليه الصلاة والسلام.

كما أن الإسلام أبدى اهتمامه بالعدل الذي قال الله تعالى عنه في القرآن الكريم: (وَإذَا حكمتُم بَين النَّاس أن تحكمُوا بالعَدل) الآية 58 من سورة النساء.

وفي الحديث القدسي: يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا... رواه مسلم.

أما المساواة فهي نتيجة العدل، لأنك إذا عدلت لم تفرق بين الذكر والأنثى، ولا بين المسلم وغير المسلم، ولا بين الغني والفقير، وفي الحديث الشريف: لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها.

ولقد ضمن الإسلام كرامة الإنسان عموماً فلا يجوز الاعتداء عليه لا حياً ولا ميتاً إلا بحق، والعقاب ينبغي أن لا يؤدي إلى إهانته، لذلك حرّم الإسلام المُثلة أو الإساءة إلى أسير الحرب، والله تعالى يقول: (ولقد كرمنا بني آدم...) الآية 70 من سورة الإسراء.

كما أن الإسلام ضمن حرية الإنسان لأنها جزء من كرامته، فهو حرّ في عقيدته، حرّ في فكره ورأيه طالما هو يريد الإصلاح، لا مجرد بث الفتنة وخلق الفوضى، والإساءة إلى الرموز والمقدسات.

وفي النهاية، فإن من يتولى الحكم ينظر إليه الإسلام بأنه تحمل المسؤولية الكاملة، فعليه أن يراقب سير العمل في البلاد، وقد قال عمر رضي الله عنه: لئن ضلت شاة على شاطئ الفرات لخشيت أن يسألني الله عنها يوم القيامة.

إذن فإن كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والحكم مسؤولية أمام الله وأمام الناس، ومن تولى الحكم فقد ابتلي، فنسأل الله تعالى أن يوفقه للخير.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4t8nzv6d

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"