عادي
أوراق قضائية

الأب المدمن

22:23 مساء
قراءة 3 دقائق

كتب- أمير السني:

أصبح رب الأسرة هارباً من التحديات التي تواجهه، بسبب عدم مقدرته على مواجهة صعوبات الحياة، وبدأ يبحث عن طرق تريح أعصابه من كثرة شكاوى زوجته، على الرغم من تحملها الجزء الأكبر من المسؤولية في تربية الأبناء، فهي التي ترعاهم وتساعدهم على مراجعة الدروس، بينما دور الزوج هو إحضار الراتب الشهري، وبعدها يصمّ أذنيه من مطالب الأبناء الذين يحتاجون إلى وجوده معهم، ولا يكلفه العناء أن يجلس معهم لوقت قصير، وعندما يبدوأن في طلباتهم، يغضب ويصرخ فيهم ويخرج سريعاً حتى لا يسمع باقي الحديث.

وبافتقاد الوالد صار حال الأسرة سيئاً، بعد أن ظل يجلس مع «ثلة الأنس»، لتناول السموم ليغيب العقل عن التفكير في أمور الحياة المعقدة التي تحتاج إلى شخص يستطيع التعامل معها بالصبر والحكمة، ويؤدي واجباته المنزلية تجاه زوجته وأولاده، ليصبح رجلاً ناجحاً في حياته ويجني ثمار ذلك الجهد بالحفاظ على أسرته، لتصبح أسرة صالحة وأبناء بررة متفوقين في دراستهم.

ولكنه عندما يعود إلى المنزل لا يفعل شيئاً سوى أن يذهب إلى فراشه ويضع رأسه ليغطّ في نوم عميق، ثم يأتي الصباح ويذهب إلى عمله، وعند الظهر يعود ويأخذ قسطاً من النوم ويستعد للخروج في المساء للقاء الأصدقاء، يجلس معهم ويتعاطون المخدرات ويتبادلون الحقن المؤثرة في العقل.

واستمرت الحال مع الأب لمدة حتى بات مدمناً، وصار يحملها معه في سيارته ويستعملها متى وجد المشاكل تحيط به، فيخرج من تحت كرسي السيارة حقنة مخدرة تدخل جسده وتغوص به في عالم الغياب والاسترخاء. ولكن هذا المفعول لا يستمر كثيراً عندما يدخل إلى المنزل ويجد سيلاً من الطلبات والنصائح من الزوجة التي ترجوه ليقاسمها المسؤولية وتحكي له مشكلات الأبناء، لكنه يغلق الباب سريعاً بالذهاب إلى النوم، إلى أن يحين المساء ويخرج مرة أخرى ليجلس مع الأصدقاء ويتعاطون المخدرات.

وفي ذات ليلة ركب سيارته، بعد أن أكمل سهرته مع أصدقائه، وفي الطريق استوقفته الشرطة التي كانت تقف على جانب الطريق وتؤدي حملة تفتيش ومراجعة للسيارات، وطلب منه الشرطي تفتيش السيارة، بعد شكه في تصرفاته. وعثر على حقنة فارغة مستخدمة، فاقتيد إلى قسم الشرطة. وبعد التحري وفحص العيّنة التي كانت موجودة في الحقنة وفحص الدم، ثبت تعاطيه المخدرات، وحوّل إلى المحكمة التي قضت بمعاقبته ثلاث سنوات، وإخضاعه لمركز «الأمل» لعلاج الإدمان والتأهيل خلال العقوبة.

وبعد انقضاء المدة التي كانت كفيلة بأن تصلح حاله وتعيده إلى رشده، وتجعله أباً صالحاً يتحمل المسؤولية، ويرعى أبناءه، ويصبح إنساناً سوياً، ويقوم بأدوار إيجابية بدلاً من الجلوس مع أصدقاء السوء، عاد إلى تعاطي المخدرات التي كانت أقوى من إرادته، فبدلاً من أن يتعظ من خطئه، عاد مرة أخرى إلى أصدقاء السوء ليتعاطى المخدرات.

وأثناء جلوسه مع أصدقائه الأربعة، دهمت فرقة من الإدارة العامة لمكافحة المخدرات الشقة، بعد ورود بلاغ يفيد بتعاطي المخدرات بداخلها، وبتفتيش الموجودين بمن فيهم الأب عثرت على مواد مخدرة وأدوات لاستخدامها، فاقتادتهم الفرقة إلى الشرطة. وبعد التحقيق معهم وإخضاعهم للفحص، حوّل الجميع إلى المحكمة. وعلى الرغم من إنكارهم أمام القاضي لتخفيف العقوبة عليهم، فإن الأب لم يجد مهرباً، فقد حكم عليه في السابق ولهذا شددت هيئة المحكمة عليه الحكم بالسجن لخمس سنوات مع مراجعة مركز «الأمل».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5brad64f

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"