عادي

مدن تتنفس التاريخ

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين
1

ميسون أبوبكر

لطالما عشق الغرب سحر الشرق بدفئه وغموضه وثقافته وحضارته وأصالته، كذلك كان لبلاد المغرب سحرها ورونقها وصلتها بدول الاستعمار التي تحولت العلاقة فيما بعد إلى معاهدات ومحاولة للتعايش لوجود مغاربة كثر على الأراضي الفرنسية على الأخص، ولقرب المغرب من الكثير من دول أوروبا فإن كثيراً من الرحلات السياحية وجهتها المغرب التي عمقت تجربتها الساحرة بالسياحة التراثية الثقافية، فكانت لكل منطقة فيها خصوصيتها، وهنا سأتطرق إلى مراكش الحمراء وحدائق ماجوريل والمصمم العالمي سان لوران الذي كانت له صلة وطيدة بالمكان لم تنتهِ بوفاته.

شمس مراكش الحارة صيفاً دافئة شتاء تغازل السياح منذ هبوطهم على أرض مطار المنارة في مراكش، معظمهم قدموا من عواصم أوروبية باردة متجمدة ليلاً ماطرة طول الوقت متجهمة ومعتمة نهاراً يحتمي سكانها من المطر والعتمة بسراديب وأنفاق القطارات التي تنبعث منها الحرارة والدفء، وفي مراكش الباهية فائض من الشمس والدفء والضوء.

معالم تاريخية كثيرة تميز مراكش، أبرزها جامع الكتبيّة الذي يعدّ من أهم المعالم الإسلامية فيها، تحيط به سوق واسعة يقصدها السياح لشراء الحليّ والملابس المغربية التقليدية، ويتناولون الحلوى والعصائر والمشوي المغربي، والجامع الذي يعود طرازه للعمارة الدينية الموحدية أخذ تسميته من الكتبيين الذين كانوا يبيعون الكتب بالقرب من ساحته، ويعدّ منبره قطعة تاريخية مهمة؛ حيث صنع في قرطبة في إسبانيا، ومن السهل الوصول للجامع وساحته المكتظة بالبشر، عبر وسائل نقل مختلفة أهمها الكوتشي وهي العربة التي تجرها الأحصنة، وهي مرخصة في مراكش وحدها دون المناطق الأخرى.

من المعالم المهمة في مراكش حدائق ماجوريل ومتحف للمصمم العالمي إيف سان لوران؛ حيث قالت شريكته بيير بيرجي، إنه من المنصف بناء متحف مخصص لعمل إيف سان لوران في المغرب؛ لأنه مدين حتى في ألوان وأشكال ملابسه بالكثير إلى البلاد.

المتحف اهتم كثيراً بمقتنيات الأمازيغ، الذين يشكلون نسبة لا بأس بها من أهل المغرب، والذين لهم لغتهم الخاصة، وتعلموا العربية وأتقنوها بسبب دخولهم في الإسلام، وحافظوا بكل الوسائل على تراثهم الأمازيغي المتنوع، وفي معجم اللغة الأمازيغ تعني الرجل الحر؛ لذلك بهم أنفة وعشق لتراثهم الغزير.

إن زرت مراكش فستعرف سر تسميتها بمراكش الحمراء، فكل مبانيها مصبوغة بالأحمر، والقانون يمنع صباغتها بلون آخر.

الطابع التراثي الثقافي صبغة واضحة للسياحة المغربية، وفي مراكش الكثير من المعالم والأسرار التي يكتشفها السائح الذي تحيط به الضيافة المغربية بأصالتها ووداعة أهلها وعنايتهم بضيوفهم، كما أن الكثير من المعالم أدرجت على لائحة التراث العالمي في اليونسكو.

ولم تغفل المدينة أن تكون فنادقها وقصورها على الطراز المغربي الأصيل، الذي يشعر الزائر أنه ضيف قرون مضت.

تحية للمدن التي تتنفس تاريخها وتقدمه ببهجة لزوارها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4p6dpfyh

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"