أن تدير الجهة بحكمة وتعمل جاهداً على إبراز أفضل ما لدى موظفيك، فذلك أرقى مستويات الإدارة، وأن تخلص النية بأن تساعد الموظف على إنجاز أعماله، وتكتشف نقاط قوته وتعمل على استثمارها فعلياً في العمل، فتلك مهارة لا يمتلكها الكثير من المسؤولين والمديرين، ونفتقدها في الجهات التي تحتاج إلى تحديث وتجديد، والتي افتقدت الإبداع، سواء في إنتاج موظفيها، أو من خلال توجهاتها وسير العمل فيها.
فإذا وجد ذلك المدير «المسؤول» فهو نعمة لا تقدر بثمن، ينبغي للجميع المحافظة عليها، ومساندته في جميع خطواته، ليكمل مسيرته وينهض بالجهة إلى بر الأمان دائماً، وإلى مراتب المراكز الأولى في الأداء أو الإنتاج، وأعدادهم للأسف قليلة جداً، إلا أن سمعتهم الوظيفية وخبرتهم هي التي تتحدث عنهم دائماً، وهنا مربط الفرس، فليس سهلاً أن تبني لك سمعة طيبة الصيت طوال سنوات عملك، ولا تقتصر على «موقف واحد» أو فترة معينة.
وأسهل ما لدى المسؤول التخلص من الموظفين، وجعلهم «سبب» المشاكل التي تواجه «جهته الموقرة»، والذي يصل لتلك القرارات يثبت وصوله لأسوأ مستويات الإدارة، ويثبت جهله فعلاً بأساسيات وألف باء تحمل المسؤولية، ويعتبر عبئاً على إدارة الجهة، خاصة إذا كان التخلص من الموظفين ونقلهم لجهة أخرى يأتي من دون مبررات حقيقية، والأسوأ وضعاً إذا كان الموظف المشمول بقرار إنهاء وجوده في الجهة، يعتبر من الموظفين «الكادحين» فعلاً، والذي يعتبر من الملتزمين بالأداء المميز، فهنا يضرب بمعايير التميز عُرض الحائط، ويصل تأثير ذلك القرار لا على الموظف وحده إنما حتى على جميع موظفي الجهة، إذا لم يكن على جميع من يصله الخبر من الموظفين المحيطين بتلك الجهة.
ولابد من كلمة للموظفين الذين وضعوا بذلك «الموقف» الحرج بنقلهم لجهة أخرى، ألّا يتأثر أحد منهم بذلك القرار من حيث الأداء، ويستمر بإعطاء كل ما يستطيع للعمل الجديد، فهو اختبار صعب كمن يمتحن في مبادئه، اعملْ واستمرّ لكن لا تكرر الأخطاء، لا تجعل تركيزك على الأداء المميز يسلب منك حياتك ويؤثر على بقية انشغالاتك، فهي رسالة للتوازن فعلاً بين مناحي الحياة: العمل والأسرة والمحيطين من الأصدقاء والأقارب ومع النفس ذاتها، كل شيء بمقدار، والتوازن مطلوب في شتى مناحي الحياة.
وازنْ وأعطِ كل ذي حق حقه، كي تستمر الحياة، دون صفعات حادة توقفك وتعرقل مسيرتك، بل اجعل من تلك المواقف والقرارات السالبة لحقك، إشارات توجهك نحو الاتجاه الصحيح، وتشجع للمضي قدماً بأكثر استعداد وتفاؤل للحياة السعيدة المتوازنة.
