هل تلفظ «ليفت» أنفاسها الأخيرة قبل الإفلاس؟

21:13 مساء
قراءة 5 دقائق

هاريسون شوارتز *

شهدت السنوات الثلاث الماضية ثباتاً هائلاً في سوق «مشاركة المركبة» في أمريكا الشمالية بعد سنوات من النمو القوي، وبدأت عائدات كلٍّ من «ليفت» و«أوبر» في أن تصبح متواضعة مع تعرض الهوامش لضغوط بسبب ارتفاع أجور السائقين.

وبينما لم تحقق أي من الشركتين الاستقرار المالي أصبحت «أوبر» اللاعب المسيطر بأكثر من ضعف الحصة في السوق.

وبالمقارنة شهدت شركة «ليفت» تضاؤلاً في سعر سهمها حيث تكافح مع «رأس المال العامل» السلبي للغاية وعدم القدرة على جمع أموال جديدة.

وأدت زيادة أسعار الفائدة إلى تغيير المشهد بشكل كبير في كلتا الشركتين، «ليفت» و«أوبر». فخلال معظم السنوات العشر السابقة للعام 2022 سمحت أسعار الفائدة المنخفضة للغاية بتمويل قليل التكلفة شجع الإنفاق الهائل لرأس المال الاستثماري وعزز تقييمات للأسهم عالية بدرجة كبيرة.

ويمكن لشركات، كهاتين الشركتين، الاعتماد على هذا التدفق المنتظم لرأس المال لتعويض الخسائر الكبيرة ونمت الشركتان بالفعل.

ويعتقد الكثيرون أن «أوبر» و«ليفت» تفوقتا على خدمات سيارات الأجرة التقليدية ولكن الفضل يعود لرأس المال الذي يتم الحصول عليه بتكلفة قليلة، والذي عوض التدفقات النقدية السلبية الهائلة؛ ولولاه لكان هذا الإنجاز مستحيلاً.

واليوم، ومع ارتفاع أسعار الفائدة وتشدد الاحتياطي الفيدرالي في السياسة النقدية، أصبح النقد أكثر تكلفة مما اضطر الشركات التي تستنفد النقد، مثل ليفت، إلى تحقيق ربح بانتظام أو مواجهة الإفلاس.

فقد فقدت «ليفت» نحو 85% من قيمتها، حيث تخاطر الشركة بالاعتماد على تخفيف كبير لحقوق الملكية لتعويض الخسائر. ورغم هذا، ومع انخفاض حصتها في السوق، يجب عليها متابعة هذا التخفيف بدرجة أكبر لرفع ذات المستوى من النقد.

وبالطبع تحاول استعادة استقرارها، مما يشجع العديد من المستثمرين على اعتبار الشركة رهاناً على البيع بسعر زهيد.

ومن ناحية أخرى تتمتع ليفت بمستوى فائدة قصيرة يبلغ 15%، مما يعني أن العديد من المضاربين يراهنون على أن الشركة قد تنخفض قيمتها قريباً.

ابتكرت كلٌ من «ليفت» و«أوبر» نموذج عمل تجارياً جديداً قلب سوق خدمات سيارات الأجرة التقليدية رأساً على عقب؛ وعلى الرغم من أن هذا النموذج قد حقق طلباً هائلاً من العملاء إلا أنه لم يثبت نجاحه بعد، حيث لم تحقق أي من الشركتين تدفقات نقدية ودخلاً إيجابياً ثابتاً، وبدلاً من ذلك اعتمدت على تمويل السوق للتمكن من البقاء في السوق.

فقد كان التدفق النقدي والدخل الصافي لشركة «ليفت» سلبيين بشكل مزمن عند مستوى مستقر نسبياً، فيما حققت «أوبر» تدفقات نقدية إيجابية في الربع الأخير لكنها سجلت خسارة صافية كبيرة نسبياً بمقدار 1.2 مليار دولار.

ومع ذلك ونظراً لأن خسائر «ليفت» أكثر انتظاماً، يبدو استقرارها المالي أقل مما تسبب في انخفاض قيمة سهمها إلى ما دون سهم «أوبر».

ففي الفترة من عام 2019 حتى أوائل عام 2022 تم تداول أسهم «أوبر» و«ليفت» بمستوى متقارب ولكن تغير هذا النمط في أواخر ربيع هذا العام بالتزامن مع الارتفاع الشديد في أسعار الفائدة الذي يُعد عاملاً مهماً لأنه حدّ من تدفق رأس المال السهل إلى هذه الشركات من خلال من شركات التقييم المرتفع للتدفق النقدي السلبي.

وأدى هذا التغيير إلى زيادة مخاطر إفلاس «ليفت» بشكل كبير والتي تتضح من تضاؤل النقد و«رأس المال العامل» السلبي:

ومنذ عام 2019، عندما تم طرح شركة «ليفت» للاكتتاب العام اتجه مركزها النقدي ورأس المال العامل إلى الانخفاض بوتيرة منتظمة نسبياً، وهبط رأس المال العامل للشركة بعمق في المنطقة السلبية هذا العام مما منحها عجزاً مالياً قدره 312 مليون دولار في نهاية الربع الثالث من 2022.

كما انخفض المركز النقدي للشركة إلى مستوى ضحل قدره 143 مليون دولار، واستنفدت 230 مليون دولار خلال التشغيلات على مدار الاثني عشر شهراً بين أواخر 2021 وأواخر 2022، مما يشير إلى أن السيولة المتبقية لديها ستختفي على الأرجح بحلول منتصف عام 2023 ما لم تتمكن من وقف الخسائر أو جمع بعض الأموال.

وتواصل الشركة أيضاً تخفيف حقوق الملكية من خلال تعويض كبير قائم على الأسهم ولكنها قد تحتاج إلى بيع الأسهم بشكل مباشر قريباً لجمع رأس المال الذي تشتد الحاجة إليه. افتتحت شركة ليفت تسهيلات ائتمانية متجددة بقيمة 420 مليون دولار في الربع الثالث، لكنني لا أعتقد أن ذلك سيوفر سيولة كافية بالنظر إلى مركز رأس المال العامل السلبي.

وربما تحصل «ليفت» على مصادر سيولة كافية أو تقلل التكاليف بشكل كافٍ لإبطاء نزيفها

تعاني «أوبر» و«ليفت» هوامش ربح تشغيلية سلبية مزمنة لكن «ليفت» أسوأ بكثير عند -27% ولم ترتفع أبداً فوق هذا المستوى. نظراً للمنافسة المستمرة بينهما. وتتمتع الشركتان بهوامش ربح إجمالية متشابهة بشكل ملحوظ لكن نسبة نفقات تشغيل «ليفت» إلى المبيعات أعلى بكثير مقارنة ب«أوبر».

والسبب الرئيسي لارتفاع تكاليف التشغيل هو تعويض حصتها الأعلى مقارنة بالمبيعات؛ وعلى مدار السنوات الأخيرة كانت التعويضات القائمة على الأسهم لها تتراوح باستمرار بين 500 مليون دولار و700 مليون دولار سنوياً، أو حوالي 15% من قيمتها السوقية الحالية.

ويبلغ تعويض سهم «أوبر» ضعف ذلك لكنها تولد المزيد من المبيعات بشكل كبير ولديها رسملة سوقية أكبر بكثير لذلك فهي تخفف من حصص المساهمين بنسبة 3% فقط سنوياً.

هناك مشكلة أخرى تتعلق بتعويضات «ليفت» المرتفعة القائمة على الأسهم، وهي أنها تخفف حصص المساهمين بشكل أسرع كلما انخفض سعر سهمها. ويرى بعض المحللين أن هذا النمط يتعارض بشدة مع الحفاظ على قيمة حصص المساهمين.

وفي حين يجب مكافأة الإدارة والموظفين الجيدين في «ليفت» على هذا النجاح الإداري إلا أنه موضع شك إلى حد كبير نظراً لعجز الهامش الكبير مقارنة ب«أوبر».

ويرى بعض المحللين أن هناك القليل للغاية مما يمكن لشركة «ليفت» أن تفعله اليوم لوقف خسائرها.

فمن العيوب الأساسية في نموذج أعمالها، هي و«أوبر»، أنهما تتنافسان بسهولة على الأجرة والأجور لذلك لا يمكن لأي منهما الاحتفاظ بالعملاء أو الموظفين إذا حاولوا استخدام هذه الرافعات لزيادة الأرباح (رفع الأسعار أو خفض أجور السائقين).

ومع ذلك يمكنهم التنافس من أجل كفاءة تشغيل أكبر وقد تفوقت «أوبر» إلى حد بعيد. وبالنظر إلى المستقبل يعتقد المحللون أن التساؤل ليس حول مدى إمكانية بقاء ليفت واقفة على قدميها؛ بل مدى تمكنها من جذب مشترٍ قبل إعلان الإفلاس.

في الوضع الحالي لشركة «ليفت» يبدو أنها من المحتمل أن تواجه الإفلاس بحلول عام 2024، إن لم يكن قبل ذلك.

* محلل مالي يكتب لموقع «ألفا»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bddz6fxs

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"