عادي

التواضع

21:01 مساء
قراءة دقيقتين
1
مايا الهواري

مايا الهواري

التواضع خلق من الأخلاق الحميدة، ليس علماً يُقرأ أو نظرية يتم تدارسها وحفظها؛ بل هو فن يمتاز به المرء متصفاً بلين الجانب، بعيداً عن الاعتزاز المغرور بالنفس. هذا الخلق العظيم الذي حثّنا عليه النبي محمد صلى الله عليه وسلم، يحتاج إلى تدريب النفس على ذلك، خاصة النفس التي تتصف بـ«الأنا»، فمتى أصبح التواضع جزءاً من تصرفات الإنسان الطبيعية امتلك أرضية صادقة، واستطاع ـ بالإصرار والإرادة القوية ـ تخليص النفس من كل الصفات المخالفة للتواضع، ونخص بالذكر أن التواضع صفة يجب أن يتحلّـى بها الأشخاص ذوو المناصب العالية مع عدم التعالي على الآخرين، كالموظفين الأقل منهم منزلة، وكذلك الأغنياء تجاه الفقراء، والمتعلمون مقابل الأقل منهم علماً.
وأكبر مثال على التواضع هو النبي الكريم، فقد كان أشد الناس تواضعاً على الرغم من علوّ مكانته في الأرض والسماء، فلا يتميز بين أصحابه حين يخالطهم ولا يعرفه الغريب إذا دخل عليهم عندما يجلس بينهم. وكان عليه الصلاة والسلام يساعد أهل بيته فيحلب الشاة، ويعلف الدابة، ويعقل البعير، ويشتري من السوق، ويأكل مع الخادم، ويعتني بالأرامل والفقراء. هو نبي الأمة اصطفاه الله على خلقه جميعاً، وهو يتمتع بهذا القدر من التواضع، فكيف ببعض البشر الذين لا يعرفون من التواضع إلا اسمه؟
التواضع أهم عناصر النجاح المجتمعي؛ لأن الإنسان المغرور المتكبر منبوذ من الجميع، ولن يصل الإنسان إلى مآربه إلا عند التحلي بالتواضع، فمن تواضع لله رفعه. قال رسول الله صلى الله عبيه وسلم: «إذا رأيتم المتواضعين من أمتي فتواضعوا لهم، وإذا رأيتم المتكبرين فتكبروا عليهم، فإن ذلك مذلة لهم وصغار». فمن يقول: «أين أنت وأين أنا» تعالياً على غيره، نذكِّره بأن الأرزاق بيد رب العباد، إن وصلت باجتهادك إلى هذه المكانة فلتعلم أنها رزق مكتوب لك في السماء، ورب السماء قادر على أن يسحب منك هذه المكانة ويمنحها لغيرك.
هذه الأرزاق توزّعت على العباد لخدمة بعضهم بعضاً، لا للتعالي والتكبر؛ لأن نهاية الجميع محتومة وهو الموت الذي سيكون كفناً يلتف به المرء وقبر يضمّه، لا يختلف فيه قبر الغني عن قبر الفقير، أو صاحب المنصب عمن سواه.
لذا فليكن التواضع جسراً يصل القلوب بعضها ببعض، ما يكسب صاحبه محبة تلك القلوب واحترامها تقديراً وثناء عليه، وسينال مكانة عظيمة في عيون الآخرين كالنجم الساطع في السماء.. تواضعوا فالتواضع خلق الأنبياء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5vvsp4z2

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"