عادي
قضية الأسبوع

الفاقد التعليمي.. إرث «كورونا» الثقيل على الطلبة

01:04 صباحا
قراءة 6 دقائق

تحقيق: محمد إبراهيم

يعد الفاقد التعليمي ظاهرة عالمية ألقت بظلالها على ميادين العلم خلال وعقب جائحة كورونا، إذ يصنفها الخبراء بأنها أبرز النواتج السلبية التي أفرزتها الجائحة، إذ أثرت في مستويات الطلبة المعرفية والتحصيلية، وأفقدت المتعلمين في مختلف مراحل التعليم مهارات أساسية كثيرة، وضعت الأنظمة التعليمية في مأزق حقيقي.

في وقت تأخذنا تقارير عالمية إلى توقعات مخيفة حول التعليم غير المكتمل بسبب الوباء، إذ إن خسائر الاقتصاد العالمي قد تصل إلى 1.6 تريليون دولار سنوياً بحلول عام 2040، في حال عدم وجود معالجات ناجعة ومسارات فاعلة لمواجهة هذه الظاهرة.

أكد عدد من الخبراء أهمية التصدي لتلك الظاهرة، إذ تعد حجر عثرة في طريق تقدم المتعلمين تعليمياً ومهارياً، مع التركيز على إيجاد حلول ناجعة لوضع نهاية لتلك الإشكالية، وقدموا ل«الخليج» وصفة علاجية تضم 7 معالجات للفاقد التعليمي للطلبة في مختلف مراحل التعليم.

تربويون ومعلمون رصدوا عدداً من مظاهر الفاقد التعليمي التي أصابت أطياف الطلبة أخيراً، لاسيما عقب الجائحة، أبرزها التأخير في التعلم، وتدني درجات الاختبارات المعيارية للمتعلمين في مختلف مراحل التعليم، وتراجع في مستويات الطلبة في التقييمات الرسمية، وتواضع أداء الطالب في الفصل الدراسي، ونقص حاد في المهارات الأساسية مثل القراءة والكتابة.

«الخليج» تناقش مع مجتمع التعليم بمختلف فئاته، ظاهرة الفاقد التعليمي التي بدأت أثارها في الظهور بشكل لافت يدعو إلى أهمية تضافر الجهود لمواجهة هذه الظاهرة وحماية مكتسبات الطلبة المعرفية والمهارية.

أبعاد الإشكالية

البداية كانت مع البروفيسور تادج أودونوفان، نائب رئيس جامعة هيريوت وات دبى، الذي شرح ل«الخليج» أبعاد إشكالية الفاقد التعليمي وحجم الخسائر المتوقعة، إذ أكد أن هناك تبايناً في استجابة التعليم لوباء كوفيد19 على نطاق واسع، وعلى الرغم من امتلاك المعلمين في جميع أنحاء العالم، أنماطاً ومعايير مختلفة للتعلم، إلا أنهم يتفقون كلياً على أن التعلم عن بعد لا يتناسب بشكل كامل كنموذج يتعلم فيه الطلاب.

وقال إن إغلاق المدارس خلال الجائحة، دفع بالطلاب لسداد ثمن باهظ في الفاقد التعليمي، فضلاً عن أن التوتر الناتج عن التعلم عبر الإنترنت أسهم في مشاكل عقلية بين الشباب، وعلى الرغم من تحسن الفصول الدراسية عن بُعد، بفضل تبني المدارس أفضل الممارسات، إلا أنها تظل صعبة على طلاب يعانون مشكلات مثل تحديات التعلم أو العزلة أو نقص الموارد.

وفي رصده لأسباب الفاقد التعليمي، أفاد بأنها تكمن في عنصر المفاجأة الذي طال جميع الأنظمة التعليمية، والتي أدت إلى اضطراب في عملية التعلم الناجم عن التحول المفاجئ إلى التعلم عن بعد، مع عدم جاهزية بعض المدارس والجامعات بشكل كافٍ.

وأشار إلى أن الدول ذات الأنظمة المدرسية الفعالة والاتصال «شبه العالمي»، وإمكانياتها في الوصول إلى الأجهزة، عانت بشكل كبير حالات التأخير في التعلم.

الأكثر ضرراً

وفي إجابته عن سؤال حول أكثر الفئات الطلابية تضرراً، قال إنه من الصعب تحديد المراحل التعليمية الأكثر تأثراً لأن لكل مرحلة تحدياتها الخاصة بها، ومع ذلك، فإن مرحلة الانتقال من المدارس الثانوية إلى الجامعات قد تكون الأكثر أهمية، إذ إن طلابها يواجهون تحديات متعددة بما في ذلك تعطيل تعلمهم.

وفي حديثه عن خسائر الفاقد التعليمي، وصفها بأنها فادحة وتدعو إلى شحذ الهمم وتوحيد الرؤى والطاقات لمجابهتها، مشيراً إلى أن تقرير صادر عن ماكينزى، قدم توقعات مخيفة تفيد بأن خسائر الاقتصاد العالمي بسبب التعليم غير المكتمل الناتج عن الوباء، قد تصل إلى 1.6 تريليون دولار سنوياً بحلول عام 2040.

مظاهر الفاقد

التقت «الخليج» عدداً من المعلمين لرصد مظاهر الفاقد التعليمي، إذ أكد إبراهيم.ا، وميثاء. ع، وأحمد.م، وبهاء.ن، وسوسن.ك، وفدوى.ص، أن مظاهر الفاقد التعليمي اختلفت من طالب لآخر، ومن مرحلة تعليمية لأخرى، ولكن الشواهد تأخذنا إلى أن هناك تراجعاً عاماً في أداء الطلبة التعليمي على الرغم من استمرارية التعليم، وهناك حالة تقاعس كبيرة في إنجازهم الواجبات والمشاريع العملية.

وقالوا إنه على الرغم من الحرص على مساعدة المتعلمين، إلا أن هناك انخفاضاً في درجات الطلبة في الاختبارات المعيارية التي نقيس من خلالها ونراقب مستويات الطلبة من فصل دراسي لآخر، وخاصة مع بداية العام الدراسي للوقوف على احتياجات الطلبة الفعلية عقب الإجازة، ومع الأسف تأخذنا النتائج في الغالب إلى أن هناك معاناة حقيقية للطلبة من فقدان التعلم.

أداة المتابعة

وأفادوا أن التقييمات الرسمية تعد أداة لمراقبة ومتابعة مستويات الطلبة المعرفية والمهارية في مختلف المواد، وتضم الاختبارات القصيرة أو الاختبارات الفصلية، موضحين أن نتائج الطلبة في تلك التقييمات ما زالت بحاجة إلى تعديلات كثيرة وجهد لتعويض الطلبة عن فقدانهم المعرفي والتعليم الذي جاء بسبب التغير المفاجئ في أنماط التعليم خلال فترة وجيزة وبسرعة يصعب وصفها.

وقالوا إن ملاحظات الوالدين حول تدني مستويات الأبناء تعليمياً ومهارياً لم تتوقف يوماً منذ مجيء الجائحة، لدرجة أن هناك طلبة يعانون عدم القدرة على القراءة والكتابة، ولكن في النهاية نركز على الاهتمام بتلك الملاحظات التي تساعدنا في تحديد المجالات التي قد يعاني فيها الطلاب، ووضع خطط فاعلة واستخدام أساليب مختلفة لمعالجة فقدان التعلم.

سياقات مختلفة

وفي إجابتهم عن سؤال عن الفئات الطلابية الأكثر تضرراً من تلك الظاهرة، أفادوا بأن المتعلمين من جميع الأعمار، يمكن أن يتأثروا بفقدان التعلم، ولكن الطلبة الأصغر سناً يعدوا الفئة المتأثرة بالفاقد التعليمي، ويعد الطلاب المحرومين الأكثر عرضة لتجربة فقدان التعلم مقارنة بأقرانهم.

وفي وقفة مع عدد من التربويين، أكد كل من الدكتور فارس الجبور وخلود فهمي ورانيا مختار، ومحمد سلطان، أن إدارات المؤسسات التعليمية تركز على دعم الطلبة الذين عانوا من خسائر التعلم المرتبطة بالوباء وفق سياقات مختلفة، لتعزيز البنية التحتية للتعليم التنموي، ولكن شكل هذا الاتجاه مشكلة جديدة مضافة، لأنه جاء على حساب الدعم الأكاديمي الذي يشكل ضرورة ملحة لتسريع أداء الطلاب.

وقالوا إن الفاقد التعليمي لم يصل لجميع الطلبة، بل أنه متفاوت والممكنات كثيرة لعلاجه، معتبرين أن النهج الشامل في التعليم يعد الأفضل، إذ يركز على الصحة البدنية والعاطفية وكذلك على عملية التعلم، ويعد ضرورياً لتلبية احتياجات التعلم للطلبة، فضلا عن الاستفادة من الإجازات الفصلية والصيفية في معالجة جوانب الفاقد المعرفي لدى المتعلمين وفق برامج ممنهجة وهادفة.

وصفة علاجية

وقدمت الخبيرة التربوية أمنة المازمي وصفة علاجية ب 6 مقترحات متنوعة للفاقد التعليمي، أبرزها تشجيع القراءة الصيفية، إذ تساعد الطلاب على الحفاظ على مهارات القراءة والكتابة وتعيق فقدان التعلم، مع مراعاة التنوع في محتوى الكتب، مشيرة لأهمية توفير فرص التعلم المنظم، وفق برامج وأنشطة تعليمية منظمة تثري المخزون المعرفي والتعليمي للطالب.

وشددت على أهمية توظيف التكنولوجيا، إذ إنها تعد أداة مفيدة للحفاظ على تفاعل الطلاب والتعلم، لاسيما في الإجازات الطويلة، مع الوضع في الاعتبار استخدام الألعاب أو التطبيقات التعليمية، أو تعيين المهام أو المشاريع عبر الإنترنت، فضلاً عن تشجيع التعلم العملي الذي يعد وسيلة ممتعة وجذابة للطلاب للتعلم، فضلاً عن توفير مواد تساعد الطلبة على إنشاء مشاريع أو إجراء تجارب في المنزل.

دعم الأسر

وأكدت أهمية تقديم الدعم للأسر لمساعدة أبنائهم في العملية التعليمية بتوفير الموارد والمعلومات حول الأنشطة والبرامج التعليمية، مع الوضع في الاعتبار استضافة ورش عمل أو جلسات إعلامية للآباء حول كيفية دعم تعلم أطفالهم في المنزل، موضحه أنه من خلال تنفيذ هذه الاستراتيجيات، يمكن للمعلمين وأولياء الأمور المساعدة في التخفيف من تأثير الخسارة التعليمية، والتأكد من استعداد الطلاب جيداً لتلقي المزيد من العلوم والمعارف.

6 أسباب

على الرغم من أهمية دور ولي الأمر في احتواء أزمة الفاقد التعليمي ومعالجتها، إلا أن «الخليج» رصدت آراء أولياء أمور لا يعلمون عن الفاقد التعليمي ومظاهره وسبل علاجه.

فيما رصد خبراء 6 أسباب أساسية وراء ظاهرة الفاقد التعليمي، أبرزها نقص فرص التعلم المنتظم، وفجوة التعلم في الصيف، وانخفاض في مهارات القراءة والكتابة، وعدم قدرة الطلبة على الاحتفاظ العام بالمعلومات التي تعلموها، وتوقف الروتين الدراسي، وفقدان مهارات الرياضيات، وعدم إمكانية وصول التعليم لبعض الطلبة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2ak4wsd8

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"