الأغلبية في الغرب مع إنهاء الحرب

00:45 صباحا
قراءة 3 دقائق

عاطف الغمري

المشهد الدولي المتأزم يوحى بدرجة ما وكأن الحكومات في أمريكا والغرب عموماً، يجمعها توافق على عدم السعي لإنهاء قريب للحرب في أوكرانيا.

وأياً ما كان تصوير المشهد على هذا النحو دقيقاً أم لا، فإن تحديد واقع الحال استحثني للاقتراب مما يجري في القلب من هذه الدول، عن طريق رصد توجهات الرأي العام بها. وسعيت إلى تسجيل لتلك التوجهات بالأرقام استناداً إلى مصادر عليمة وموثوق بها.

الملاحظة الأولى، إن مواقف الناس هناك تغيرت مقارنة بما كانت عليه في تاريخ سابق، وبالتحديد في الأشهر الأولى لاشتعال الحرب في أوكرانيا. وقتها كان 54% - ويمثلون الأغلبية في الاستطلاعات – يعتبرون أوكرانيا صديقاً لا بد من الوقوف معه. بينما كان 25% لا يرون في أوكرانيا صديقاً ولا عدواً.

الآن ومع ازدياد تلك الأزمة تعقيداً وخطورة، فقد اتسعت رقعة التشاؤم في تلك البلاد، من إمكان فتح الباب المغلق أمام مفاوضات دبلوماسية لحل سلمي، مع تزايد الضغوط المادية والنفسية للتداعيات الاقتصادية والاجتماعية للحرب على الحياة المعيشية اليومية، ومع تلاشي ظهور الأمل في الأفق.

اهتممت باستطلاعات الرأي الجديدة حالياً، التي نقلتها عدة مواقع. منها مواقع «إنسايدر»، والتي صاغ محتواها محررها هاتيوانغر. وقد أظهرت تزايد شعور الأمريكيين بأنهم تعبوا من تأييد بلادهم لأوكرانيا من دون بذل أي محاولة لبلوغ حل دبلوماسي، وفي وقت تزداد فيه وطأة النزاع ضد روسيا.

وأظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة أيضاً أن غالبية الأمريكيين يريدون من أمريكا أن تدفع الموقف نحو مفاوضات دبلوماسية لإنهاء الحرب. كما كشفت نفس الاستطلاعات عن أن كثيرين من الأمريكيين قلقون من الكلفة المالية للحرب، وأنهم منزعجون بشكل متزايد من استمرار حكومتهم في تأييد أوكرانيا في حربها مع روسيا.

استطلاع آخر أجراه «معهد كوينسي» كانت نتيجته أن 57% صوتوا بقوة تأييداً للاتجاه نحو مفاوضات دبلوماسية في أسرع وقت ممكن لإنهاء الحرب، حتى ولو احتاج الأمر إلى تقديم أوكرانيا تنازلات. وأن 32% فقط هم الذين عارضوا هذا الرأي.

وطبقاً لما أعلنه مركز فوربس - بناء على استطلاعات الرأي - فإن الأغلبية الأكبر من الأمريكيين لا يريدون أن تجازف الولايات المتحدة بحرب مع روسيا بسبب استمرار تأييدها لأوكرانيا.

وحسب ما جاء في استطلاع «معهد كونيبياك»، فإنه مطلوب من أمريكا أن تكون حذرة في دعمها لأوكرانيا، وألاّ تتخذ خطوات تستفز بها روسيا. وإن كان أعضاء الكونغرس يضغطون من أجل تقديم المزيد من المساعدات لأوكرانيا.

وفي هذا الاستطلاع قال 75% إنه إذا كانت الولايات المتحدة تساعد أوكرانيا، فيجب عليها عدم المجازفة بحرب مع روسيا. وأن 17% فقط أيدوا ما تفعله أمريكا لمساندة أوكرانيا، حتى ولو كان في دعمها في حربها.

أيضاً أجري قياس لمواقف مجموعات تسكن معاً في مناطق محددة، ووجد أن الأغلبية داخل كل مجموعة تؤيد عدم ذهاب أمريكا بعيداً في اتجاه المخاطرة بحرب، وإن كان الجمهوريون في هذه المجموعات، أقل رغبة في الالتزام بالحذر.

ثم كانت لمواقف الرأي العام في أوروبا صورة محددة، فقد نشر المجلس الأوروبي للشؤون الخارجية تقريراً عنوانه يعبّر عن مضمونه، وكان العنوان هو: «الانقسام الأوروبي القادم حول حرب أوكرانيا».

وأجري في أوروبا استطلاع رأي جديد أكد أن تطورات الحرب قد أضعفت تماسك الموقف الأوروبي الموحد. ثم نظم المجلس الأوروبي استطلاعاً عاماً في عشر دول أوروبية، ووجد أن الإجابات ابتعدت عن قضايا الحرب في حد ذاتها، واتجهت إلى التركيز على أسئلة منها: كيف يمكن إنهاء هذا النزاع، وما هو تأثيره على حياة الناس، وعلى دولهم ذاتها، وليس على اتحاد الأوروبي ككل؟ كما أن الرأي العام أصبح أكثر اهتماماً عن ذي قبل بالاقتصاد العالمي وبأزمة الغذاء، وبالنتائج الاجتماعية التي سببتها الحرب.

وظهر كذلك أن الأوروبيين لم يعودوا يهتمون بإلقاء اللوم على من الذي بدأ الحرب، لكنهم منقسمون حول تحديد ما هي العقبة الرئيسية أمام السلام. ويرون أن تلك النقطة بالذات يجب أن تحظى باهتمام الحكومات.

لعلنا عشنا طوال الأشهر العشرة منذ بدء الحرب، مع بيانات تصدر عن الحكومات والقيادات السياسية والعسكرية. وكان مهماً النظر في ناحية أخرى إلى الرأي العام هناك.. في أمريكا وأوروبا. ليس لمجرد نقل انطباعات عامة، لكن من خلال تسجيل مواقف معلنة وموثقة، وهو ما كان.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y7798mws

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"