عادي
سوق الدخل الثابت بدول مجلس التعاون

الإمارات تتصدر إقليمياً في إصدارات السندات 2022 ب 31.8 مليار دولار

00:30 صباحا
قراءة 9 دقائق

دبي: «الخليج»

تصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة إصدارات السندات على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في 2022 والتي بلغت قيمتها الإجمالية 19.2 مليار دولار مقابل 39.1 مليار دولار في العام 2021. كما جاءت الإمارات في الصدارة أيضاً من حيث إصدارات الشركات على مستوى المنطقة بإصدارات بلغت قيمتها 12.6 مليار دولار. وبذلك يصل إجمالي إصدارات السندات إلى 31.8 مليار دولار (116.7 مليار درهم).

وبحسب تقرير «سوق الدخل الثابت بدول مجلس التعاون الخليجي –2022» ل«كامكو» الكويتية، فقد أدى استمرار ارتفاع معدلات التضخم ورفع أسعار الفائدة في كافة أنحاء العالم إلى تدهور اداء أسواق السندات التي سجلت أكبر انخفاض لها منذ العام 1990 على أقل تقدير. كما أثرت التوترات الجيوسياسية المتعلقة بالحرب الروسية الأوكرانية على الأسواق. وتراجعت قراءة مؤشر بلومبيرج العالمي للسندات بنسبة 16.3% خلال العام 2022 وكانت هذه هي المرة الأولى التي ينخفض فيها المؤشر على مدار عامين متتاليين بعد انخفاضه بنسبة 4.7% العام الماضي. وشهد العام قيام البنوك المركزية برفع تكاليف الاقتراض إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من أربعة عقود سعياً منها لكبح جماح التضخم الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة بعد اتباع سياسات نقدية تيسيريه في عامي 2020 و2021 بهدف تعزيز أنشطة الأعمال بعد جائحة كوفيد-19. وارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات من 1.5% بنهاية العام 2021 إلى 3.9% بنهاية العام 2022، فيما يعد أعلى معدل نمو سنوي منذ العام 1962 على الأقل، وفقاً للبيانات الصادرة عن وكالة بلومبيرج.

بالإضافة إلى ذلك، كان العام 2022 من الأعوام الاستثنائية التي تراجع خلالها أداء كلا من سوق السندات وأسواق الأوراق المالية. وكشف أحد التقارير الصادرة عن صحيفة فاينانشيال تايمز أن الأسهم والسندات خسرت نحو 35 تريليون دولار من قيمتها خلال العام 2022. أما على صعيد أدوات الدين المختلفة، تفوق أداء السندات ذات العائد المرتفع على السندات الأكثر أماناً والتي شهدت تراجعاً بمعدلات أقل نسبياً. كما شهدت الصكوك أقل معدل تراجع بنحو 10.8% خلال العام. أما على الصعيد الإقليمي، تفوق أداء السندات والصكوك في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على السندات العالمية المعيارية، حيث شهدت انخفاضات هامشية خلال العام مما يعكس بصفة رئيسية قوة النمو الاقتصادي المتواصل وارتفاع أسعار النفط ومعدلات التضخم المسيطر عليها في الأسواق المحلية. هذا وانخفضت إصدارات الدخل الثابت في دول مجلس التعاون الخليجي إلى أدنى مستوى لها في سبع سنوات لتصل إلى 86.3 مليار دولار خلال العام.

منطقة الشرق الأوسط

من جهة أخرى، انعكس الأداء المالي الأفضل الذي شهدته منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على أداء سوق السندات والصكوك الأولية في المنطقة التي شهدت أحد أكبر التراجعات على أساس سنوي على الإطلاق. هذا وانخفضت إصدارات الدخل الثابت في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لأول مرة منذ ثلاث سنوات لتصل إلى 115.2 مليار دولار في العام 2022 مقابل 236.5 مليار دولار في العام 2021، بانخفاض قدره 120.3 مليار دولار أو ما يعادل نسبة 51.3%. وشهدت الإصدارات الحكومية تراجعاً أكبر بلغ 86.7 مليار دولار أو ما نسبته 55.3% خلال العام لتصل إلى 70.1 مليار دولار مقارنة بإصدارات الشركات التي تراجعت بمقدار 34.1 مليار دولار أو ما نسبته 43.1% لتصل إلى 45.1 مليار دولار.

إصدارات السندات

بعد ثلاث سنوات متتالية من النمو المستمر، تراجعت إصدارات السندات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في العام 2022. وبلغ إجمالي قيمة الإصدارات 68.7 مليار دولار خلال العام، بتراجع بلغت نسبته 61.6% أو ما قيمته 110.2 مليار دولار مقارنة بإصدارات العام 2021 التي وصلت إلى مستويات قياسية قدرها 178.8 مليار دولار. ويعزى انخفاض قيمة الإصدارات في الأساس لتراجع إصدارات مصر من أدوات الدين والتي بلغت قيمتها 12.9 مليار دولار في العام 2022 مقابل 62.2 مليار دولار تم إصدارها العام السابق. كما انخفضت السندات الصادرة عن دول مجلس التعاون الخليجي للعام الثاني على التوالي نتيجة لتراجع إصدار كلا من الحكومات والشركات على خلفية ارتفاع أسعار النفط بالإضافة إلى تحسن ربحية الشركات مما أدى إلى انخفاض المتطلبات التمويلية. وبلغ إجمالي قيمة اصدارات دول مجلس التعاون الخليجي 39.8 مليار دولار في العام 2022 مقابل 88.0 مليار دولار في العام 2021، في حين سجلت إصدارات دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا غير الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي انخفاضاً حاداً، إذ بلغت قيمتها 28.9 مليار دولار في العام 2022 مقابل 90.8 مليار دولار في العام 2021.

نوعية أدوات الدين

أما فيما يتعلق بنوعية أدوات الدين، واصلت السندات الصادرة عن حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا استحواذها على النصيب الأكبر من إصدارات أدوات الدخل الثابت لهذا العام. إلا أن حصة الحكومات من إجمالي قيمة الإصدارات تراجعت للعام الثاني على التوالي لتمثل نسبة 64.9% في العام 2022 مقابل 68.1% في العام 2021. بالإضافة إلى ذلك، تراجعت الإصدارات الحكومية بشدة خلال العام بنسبة 63.4% لتصل إلى 44.6 مليار دولار. كما انخفضت إصدارات الشركات بنسبة 57.7% لتصل إلى 24.1 مليار دولار. وكان تراجع الإصدارات الحكومية واسع النطاق، حيث اقتصر ارتفاع الإصدارات الحكومية على الأردن فقط خلال العام بينما سجلت بقية دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تراجع اصداراتها. وفيما يتعلق بإصدارات الشركات، جاءت السعودية في الصدارة وكانت الدولة الوحيدة التي سجلت نمواً ملحوظاً لإصدارات السندات التي بلغت قيمتها 4.0 مليار دولار في العام 2022 مقابل 0.1 مليار دولار في العام 2021. كما ارتفعت اصدارات الشركات في كل من لبنان والأردن والبحرين خلال العام، وقابل ذلك تراجع إصدارات بقية دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

الإمارات في الصدارة

ونجحت الإمارات في استعادة مركز الصدارة من حيث إصدارات السندات على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي بلغت قيمتها الإجمالية 19.2 مليار دولار مقابل 39.1 مليار دولار في العام 2021. وتبعتها كلا من مصر والسعودية بإصدارات بلغت قيمتها 12.9 مليار دولار و9.6 مليار دولار، على التوالي. كما جاءت الإمارات في الصدارة ايضاً من حيث إصدارات الشركات على مستوى المنطقة بإصدارات بلغت قيمتها 12.6 مليار دولار، تلاها قطر والسعودية بإصدارهما لسندات بقيمة 4.1 مليار دولار و4.0 مليار دولار على التوالي. من جهة أخرى، جاءت مصر في صدارة دول المنطقة من حيث إصدارات السندات الحكومية، حيث تصدرت الحكومة المصرية اصدارات السندات خلال العام بقيمة إجمالية بلغت 12.9 مليار دولار، تلاها الأردن والإمارات بقيمة 6.6 مليار دولار و6.5 مليار دولار، على التوالي.

الصكوك العالمية

تراجعت إصدارات الصكوك العالمية مرة أخرى في العام 2022 بعد أن تعافت جزئياً في العام 2021. وبلغ إجمالي إصدارات الصكوك خلال العام 109.7 مليار دولار في العام 2022 مقابل 123.8 مليار دولار في العام 2021. وقد شمل الانخفاض كلا من الدول التابعة وغير التابعة لمجلس التعاون الخليجي، إلا ان جهات الإصدار في دول مجلس التعاون الخليجي شهدت تراجعاً أكثر حدة قدره 12.2 مليار دولار أو ما يعادل نسبة 19.7% مع وصول إجمالي إصدارات الصكوك إلى 49.7 مليار دولار في العام 2022. كما أنه لأول مرة على الإطلاق، كانت حصة الصكوك من إجمالي إصدارات أدوات الدخل الثابت في دول مجلس التعاون الخليجي أعلى من تلك الخاصة بالسندات، إذ بلغت 53.9%، بينما شكلت السندات 46.1% من إجمالي الإصدارات. وبلغت قيمة إصدارات الصكوك من خارج دول مجلس التعاون الخليجي 60.1 مليار دولار بعد تسجيلها لانخفاض هامشي بنسبة 3.1% أو 1.9 مليار دولار خلال العام. أما من حيث جهة الإصدار، انخفضت إصدارات الصكوك الحكومية العالمية خلال العام بنسبة 20.5% أو 17.2 مليار دولار لتصل إلى 66.8 مليار دولار، بينما ارتفعت إصدارات الشركات بنحو 3.1 مليار دولار أو نسبة 7.9% لتصل إلى 42.9 مليار دولار في العام 2022.

أعلى إصدارات الصكوك

أما فيما يتعلق بأداء كل دولة على حدة، احتلت السعودية مركز الصدارة على مستوى المنطقة من حيث أعلى قيمة لإصدارات الصكوك للعام الثالث على التوالي. إلا انه على الرغم من ذلك، انخفضت إصدارات الصكوك في المملكة بنسبة 12.7% أو 6.3 مليار دولار لتصل إلى 43.2 مليار دولار خلال العام مقابل 49.5 مليار دولار في العام 2021. كما احتلت ماليزيا المرتبة الثانية للعام الثالث على التوالي، إذ بلغت قيمة اصداراتها 33.0 مليار دولار في العام 2022 بنمو، قدره 2.2 مليار دولار أو بنسبة 7.1% مقارنة بالعام السابق. في حين احتلت إندونيسيا المركز الثالث بإصدارات بلغت قيمتها 11.3 مليار دولار في العام 2022، بتراجع بلغت نسبته 41.5% مقارنة بالعام 2021. كما ارتفعت إصدارات صكوك كلا من تركيا وباكستان خلال العام 2022.

جهات الإصدار الحكومية

وواصلت جهات الإصدار الحكومية الاستحواذ على النصيب الأكبر من إصدارات الصكوك على مستوى العالم خلال العام، إلا ان الحصة الإجمالية تراجعت من 68% في العام 2021 إلى 61% في العام 2022. وبلغ إجمالي الإصدارات الحكومية 66.8 مليار دولار في العام 2022 مقابل 84.1 مليار دولار في العام 2021، بتراجع بلغت نسبته 20.5%. من جهة أخرى، ارتفعت إصدارات الشركات للعام الثاني على التوالي لتصل إلى 42.9 مليار دولار في العام 2022 مقابل 39.7 مليار دولار في العام 2021.

وتراجعت إصدارات الصكوك لكلا من جهات الإصدار الحكومية والشركات في دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام. وبلغ إجمالي إصدارات الصكوك الحكومية خلال العام 2022 ما قيمته 29.5 مليار دولار مقابل 35.4 مليار دولار في العام 2021. ويعزى هذا التراجع إلى انخفاض إصدارات السعودية وقطر وعمان والبحرين بصفة رئيسية. أما على صعيد الشركات، تراجعت إصدارات كافة دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام.

اتجاه التضخم يحدد النشاط

أظهر أحدث مسح لتوقعات المستهلك في الولايات المتحدة في ديسمبر-2022 أن متوسط توقعات التضخم للعام المقبل سينخفض إلى 5.0%، وهو أدنى مستوى منذ يوليو-2021، مقارنة بنسبة 5.2% في استطلاع نوفمبر-2022. الى ذلك، استمرت التوقعات بحدوث ذروة لسعر الفائدة الفيدرالية يزيد عن نسبة 5.0%، على الرغم من أن عددًا من المحللين يتوقعون الآن تباطؤًا في سياسة التشديد النقدي للاحتياطي الفيدرالي. من ناحية أخرى، يخطط البنك المركزي الأوروبي أيضًا لرفع معدل الإيداع فوق مستوى 2.0% الحالية وتوقع زيادتين بمقدار 50 نقطة أساس في الربع الأول من العام 2023. ومع ذلك، أظهر استطلاع أجرته بلومبرج للبنوك المركزية العالمية اتجاهًا متباينًا في تغيرات الأسعار في العام 2023 مدفوعًا بشكل أساسي بالمخاوف من أن الزيادات الشديدة في أسعار الفائدة تخاطر بخفض الطلب إلى حد حدوث ركود.

فيما يتعلق بعوائد السندات، تشير أحدث تقديرات الإجماع إلى أن العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات قد بلغ ذروته في نهاية العام 2022 عند نسبة 3.9% ومن المتوقع أن يظل ثابتًا مع نهاية الربع الأول من العام 2023 على الرغم من انخفاض العائدات إلى 3.54% في 9-يناير-2023. هذا ومن المتوقع أن تنخفض العائدات ابتداءً من الربع الثاني من العام 2023 لتصل إلى 3.51% مع نهاية الربع الرابع من العام 2023. ومن المتوقع أيضًا أن يبلغ العائد على السندات لأجل 30 عامًا ذروته عند 4.0%، في حين تشير التوقعات الى أن يبلغ 3.76% بحلول الربع الأخير من العام 2023.

تظل التوقعات من حيث إصدارات الدخل الثابت على مستوى العالم إيجابية لعام 2023 مع تشجيع كل من الحكومات والشركات على الاستفادة من السوق. فيما سيظل اتجاه التضخم هو مفتاح الاستقرار في سوق السندات لأنه سيحدد المسار الذي ستسلكه البنوك المركزية لإدارة التوقعات الاقتصادية. فمن المتوقع أن يتفوق النمو الاقتصادي في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي على النمو العالمي حيث من المتوقع أن يتعافى نشاط سوق المشاريع من التباطؤ الذي سجله خلال الأرباع القليلة الماضية. كما من المرجح أن يدعم ذلك إصدارات الدخل الثابت في دول مجلس التعاون الخليجي. في حين من المتوقع أن تبلغ آجال استحقاق السندات والصكوك الخليجية 67.5 مليار دولار للعام 2023، ومن المتوقع أن تمثل إعادة تمويل هذه الأدوات الجزء الأكبر من الإصدارات من قبل الشركات والحكومات في المنطقة هذا العام. الى ذلك، من المتوقع أن يؤدي ارتفاع تكلفة الاقتراض والربحية القوية إلى جانب النقد إلى اعاقة بعض أنشطة إعادة التمويل على المدى القريب.

نتوقع أن يتم معاودة الإصدارات بمجرد رؤية الاستقرار في أسعار الفائدة العالمية وأسعار الصرف. كما نتوقع أن تعود الشركات المصدرة إلى السوق خلال النصف الأخير من العام بمجرد أن تبدو ظروف السوق مواتية. في حين من المرجح أن تسجل دول مجلس التعاون الخليجي فوائض مالية نتيجة ارتفاع أسعار النفط، حيث من المتوقع أن يحد هذا من الإصدارات الإجمالية، على الرغم من أن التنويع هو الهدف الأساسي لمعظم الحكومات، يمكننا أن نتوقع رؤية إصدارات خاصة بالمشروع خلال العام.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/r234b6v4

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"