عادي
رؤى مبتلة بالمطر ومزدانة بالصفاء

قراءات باذخة بالجمال في أولى أمسيات «الشارقة للشعر العربي»

00:36 صباحا
قراءة 4 دقائق
علاء جانب
حسن الزهراني
شيخة المطيري

الشارقة: علاء الدين محمود
شهد قصر الثقافة، مساء أمس الأول «الاثنين»، أولى القراءات الشعرية للنسخة ال19، من مهرجان الشارقة للشعر العربي برعاية دائرة الثقافة في الشارقة، وقدّم الشعراء الذين تم تكريمهم كشخصيات للمهرجان وهم: شيخة المطيري «الإمارات»، حسن الزهراني «السعودية»، إضافة إلى علاء جانب «مصر»، قراءات شعرية باذخة وجدت تفاعلاً كبيراً من جمهور المهرجان الذي يسهم في الحفاظ على المرتكزات الأساسية للشعر ورعاية الموروث الشعري، وإثراء الساحة الشعرية بإنتاج من مختلف الاتجاهات الشعرية عبر شعراء من بلدان عربية وإسلامية.

في مستهل حديثها توجهت شيخة المطيري بكلمة ضافية، عبرت فيها عن سعادتها بالتكريم، وشكرت صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وقالت: «إن سموه هو الذي علمنا معنى أن يكون للشعر بيت مكتوب ولكن لم نكن نحلم بالعيش فيه»، مشيرة إلى بيت الشعر في الشارقة والبيوت الأخرى التي انتشرت في العالم العربي تعيد الاعتبار للقصيدة وتبقي مكانة «ديوان العرب»، وألقت الشاعرة عدداً من القصائد الشعرية منها نص يحمل عنوان: «ماذا تقول القصيدة للشعراء»، وهي تحمل تساؤلاً ربما جال كثيراً بخاطر الشاعرة فحولته إلى نص شفيف بدفق وجداني رقيق يدخل مباشرة إلى القلوب، ولئن كان السؤال المعتاد هو: ماذا يريد الشعراء من القصيدة، فإن المطيري قد قلبت ذلك التساؤل وكأن النص الشعري هو الذي يمارس فعل إغواء الشاعر، وتقول فيه:

تتنكر الخنساء بين جوانحي

فأصير محض تكرر الخنساء

والأصمعيات التي في داخلي

صوت البلابل أو صفير الراء

أدنو من الصحراء قيد ربابة

فتسير أوتار النخيل ورائي.

ولعل أبيات القصيدة تفيض بالحنين إلى ماضي الشعر العربي، حيث كتب بيانه الأول، وما ذكر تلك الأسماء مثلك «الخنساء»، و«الأصمعي»، إلا لكونها قد صارت دلالات وعلامات ورموز للشعر العربي، كما أن القصيدة حافلة بحب الوطن الكبير وتاريخ الأمة العربية، كما تحتفي الأبيات بالهوية العربية، وذلك ديدن الشاعرة التي تطور في كل مرة من أدواتها الشعرية ومن اللغة حد السيولة المنتجة للصور والمشاهد.

وتعتبر المطيري من الشاعرات الإماراتيات المبرزات، فهي صاحبة مفردة مميزة وإمكانات كبيرة في تطويع اللغة، فهي ترسم الدهشة على وجوه الحضور والقراء لمقدرتها على صناعة المفارقة في النص، كما تتعدد أغراضها الشعرية، وهذا ما نلمحه في الكثير من قصائدها، فهي تقول في نص بعنوان: «للحنين بقية»:

«تركت حكايتها /على أعتاب ذاكرتي / وغابت / واستوقفت ركب البنفسج / ها هنا / بالضبط عند مداخل الحلم القديم / كانت ترتّب كل يوم دمعها /وتضيف ملح شقائها /لطعامها وحديثها».

ولدت المطيري في دبي، وحصلت على بكالوريوس في اللغة العربية لتتوج به عشقها لتلك اللغة التي اختارت أن تترجم بها مشاعرها، ورؤيتها الثقافية، ولها العديد من المجموعات والدواوين الشعرية التي تحكي عن تجربة شاعرة متميزة، كما نالت الكثير من الجوائز خلال مسيرتها الإبداعية.

صور وموسيقى

الشاعر حسن الزهراني، قدم هو الآخر باقة شعرية تتضمن نصوصاً تفاعل معها الحضور كثيراً، وفي إحداها يتحدث هو الآخر عن دور الشاعر في الحياة ورسائله ومعانيه ويقول:

الشاعر الحق من صمت نواياه

وبثت الحب والإحسان كفاه

ترى محياه حياً في قصائده

وتقرأ الشعر عذباً في محياه

يشدو وآلام كل الناس تؤلمه

وجدول الحزن يسري في حناياه

وظل الزهراني ينظم القصيد على طريقة ونهج القصيدة العمودية الخليلية، ونصوصه عامرة بالصور وجمال اللغة والموسيقى، كما له قصائد على وزن التفعيلة. ويعتبر الزهراني من التجارب الشعرية اللامعة في المملكة العربية السعودية، إذ قدم على امتداد مسيرته الطويلة تجربة ثرية استطاعت أن تنفرد بصوتها البلاغي القوي، وبجزالة معانيها وتنوع صورها ومواضيعها الإبداعية.

ولد الزهراني في عام 1961، في قرية القسمة بمنطقة الباحة، وهناك تلقى تعليمه الابتدائي، ليلتحق بعد ذلك بالمعهد العلمي، ليكمل تعلميه المتوسط والثانوي، لينال بعدها درجة البكالوريوس من جامعة أم القرى، وهو صاحب تاريخ طويل ومضيء من النتاجات الشعرية والإصدارات، بدأ منذ عام 1988، من خلال ديوان الأول «أنت الحب»، لتتوالى بعده قائمة مميزة من الدواوين نالت حظها من الدراسات الأكاديمية، ومجموعاته الشعرية تحكي عن رؤية وتجربة مميزة، مبثوثة في ثنايا قصائده، تغوص في عمق الذات ورصد التحولات الإنسانية التي تنعكس في مرايا القصيدة، ليعود بالشعر نحو رسالته الأسمى، وهي التعبير عن المشاعر الصادقة بكل تدرجاتها في نسيج النفس البشرية.

شجن

من جانبه، قدم الشاعر علاء جانب باقة من القصائد المفعمة بعطرية الحنين واستدعاء الذكريات، وفي إحداها يتناول الشاعر أثر الشعر في النفوس، ويقول:

يبست وطفل الشعر مازال أخضرا

وشبت ويأبى الماء إلا تحدرا

وفي القلب شلال يجاذب قيده

ويوشك من جنبي أن يتفجرا

فإن أوثقوني بالتقاليد فإن لي

صهيلا سماويا بصدري تحررا

ويتميز علاء جانب، بشعرية فريدة على التعبير عن الذات ورصد تحولات الزمان ووصف الأمكنة، ومقدرة على انتقاء الألفاظ والمفردات المؤثرة، وربما يلاحظ القارئ تلك النبرة الحزينة في نصوصه الشعرية، حيث يسكن الشجن الجميل والنبيل أبيات قصائده.

ويعد علاء جانب، من أبرز الشعراء المصريين في الوقت الراهن، ولد في قرية عرابة أبو دهب في سوهاج عام 1973، وحصل على لقب أمير الشعراء في الموسم الخامس من مسابقة أمير الشعراء عام 2013، وصدرت له مجموعة من الدواوين الشعرية منها «متورط في الياسمين».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3pd27kbe

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"