عينٌ على غرب البلقان

22:48 مساء
قراءة 3 دقائق

ليليانا بافلوفا*

وفقاً لمسح الإقراض المصرفي لأوروبا الوسطى والشرقية والجنوبية الشرقية، فإن بعض الاقتصادات هي من بين الأكثر انكشافاً، وذلك لارتفاع التضخم فيها واعتمادها على الطاقة والغذاء من روسيا، وهما المكونان الرئيسيان اللذان يؤثران بشكل كبير في الاستهلاك.

وقد يصبح ارتفاع الديون باهظ التكلفة أيضاً، لدرجة يقيد وصول البلدان إلى أسواق رأس المال. ومع اشتداد الأزمة، تسعى الحكومات إلى دمج أمن الطاقة في أهداف العمل المناخي. وهذا هو الوضع الذي يتطلب اتخاذ تدابير عاجلة إلى جانب الموارد المالية الهائلة.

كما أظهر مؤتمر القمة الأخير بين الاتحاد الأوروبي وغرب البلقان، فإن الشراكات الاستراتيجية بين المنطقتين هي مفتاح النمو الاقتصادي. ويجب معالجة التحديات الناجمة عن الحرب في أوكرانيا من خلال استراتيجيات مشتركة تعزز أمن الطاقة وتدعو إلى إزالة الكربون من الاقتصادات المحلية. وفي هذا الصدد، يخطط الاتحاد الأوروبي لتقديم حزمة دعم طاقة كبيرة ب «مليار يورو» لدول غرب البلقان بالتعاون مع بنك الاستثمار الأوروبي وشركائه الأوروبيين. وتهدف هذه الأموال إلى تلبية احتياجات الطاقة الأكثر إلحاحاً وتعزيز مرونتها وأمنها على المدى الطويل.

وبصفته ذراعاً تمويلية رئيسية للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، فإن بنك الاستثمار الأوروبي على استعداد للقيام بدور رئيسي في طرح هذه الحزمة من خلال زيادة دعمه المالي والتقني لمصادر الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والبنية التحتية للشبكة الكهربائية. وعلى المنوال نفسه، بموجب ضمان الاتحاد الأوروبي المقدم من الصندوق الأوروبي للتنمية المستدامة، فإننا نعمل على نشر أدوات مالية مبتكرة وضمانات وخدمات استشارية للاستثمار في التحول الأخضر والرقمي، خاصة للقطاع الخاص.

كما يهدف التمويل العالمي من بنك الاستثمار الأوروبي إلى خلق قوة دفع للشركات لتنفيذ ممارسات أكثر كفاءة في استخدام الطاقة ومعالجة الضغط المتزايد لتقليل انبعاثات الكربون. ومع ذلك، يشير أحدث مسح استثماري من البنك إلى أن مناخ الاستثمار بين شركات الاتحاد الأوروبي تدهور بشكل حاد، مدفوعاً بأزمة الطاقة وعدم اليقين وتباطؤ النمو العالمي.

وكانت الشركات في غرب البلقان متأخرة بالفعل في الاستثمارات الخضراء وممارسات الإدارة، خصوصاً في تحديد أهدافها لاستخدام الطاقة والانبعاثات، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى القيود المالية. فعلى الرغم من أن 10% من قطاع الأعمال أبلغ عن خسائر ناجمة عن الظواهر المناخية المتطرفة، إلا أن الوعي بالقضايا البيئية محدود نوعاً ما، حيث إن 21% فقط من هذه الشركات تستثمر في كفاءة الطاقة. ولتسريع التحول الأخضر للقطاع الخاص، قمنا بتطوير خط ائتمان مبتكر للعمل المناخي والاستدامة البيئية، وهو متاح بالفعل للشركات في المنطقة.

أما في جنوب شرق أوروبا، يتعرض القطاع الصناعي لضربة أشد مما كان متوقعاً بفعل التضخم المرتفع والضغط الناجم عن زيادة أسعار الاقتراض. ونتيجة لذلك، تشير البنوك العاملة في غرب البلقان إلى أنه على الرغم من أن الطلب على الائتمان لا يزال قوياً، إلا أنها ستواجه ظروف عرض أكثر صرامة وتدهوراً محتملاً في جودة الائتمان. وعلى المدى الطويل، يواجه النمو الاقتصادي المحتمل في المنطقة مخاطر عديدة من بينها انخفاض عدد السكان، ما قد يؤثر بشدة في سوق العمل.

ولمواجهة هذه التحديات، فإن التقدم في الإصلاحات الضرورية لعملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي هو الطريق الصحيح للمضي قدماً من أجل تحسين الاستثمار في المنطقة، وتدعيم الآفاق المناخية والاقتصادية. ويمكن لهذه العملية أن تحفز العديد من الإصلاحات، وهو أمر حاسم لإحراز تقدم أسرع. كما أنه من الضروري تحديد المزايا التنافسية للسوق الإقليمية المشتركة لغرب البلقان، وتسريع انتقال الطاقة والتحول الرقمي بما يتماشى مع أجندة الاتحاد الأوروبي.

بالنسبة للشركات والبلدان، فإن الحفاظ على القدرة التنافسية يعني التكيف بسرعة مع التحديات الجديدة. أي الارتقاء التدريجي في نموذج سلاسل القيمة العالمية، وتنمية رأس المال البشري، فضلاً عن التحول الأخضر والرقمي. وستمكّن هذه العمليات منطقة غرب البلقان من جني فوائد الاقتراب من العلاقات الاقتصادية المتينة تقليدياً مع الاتحاد الأوروبي.

*نائبة رئيس بنك الاستثمار الأوروبي لمنطقة غرب البلقان(يوروآكتيف)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/29mfpsap

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"