عادي

التنمّر

23:02 مساء
قراءة دقيقتين
1
مايا الهواري

مايا الهواري

يُعتبر التنمّر مرض العصر الذي انتشر مؤخّراً، وهو نوع من أنواع الإساءة من قِبَل فرد أو مجموعة من الأفراد تجاه شخصٍ أو أشخاص، وعادةً ما يكون التنمّر من الشّخص القويّ تجاه الضّعيف، من اعتداء نفسيّ أو جسديّ أو لفظيّ أو وفق العلاقات، مع استخدام أساليب التّرهيب والسّلطة. وقد انتشر في الآونة الأخيرة التنمّر عن طريق الإنترنت، مستخدمين التكنولوجيا لمآرب ضعفاء النّفوس، كما أنّه يحدث في الأماكن العامّة وضمن العائلة والمدارس والهاتف إلخ، ويجب الانتباه إلى عدم وصول درجته لحدّ ارتكاب الجرائم.

هذا السّلوك العدوانيّ المتكرّر قد يتضمّن أيضاً تنابزاً بالألقاب، مع الإساءات اللّفظيّة والكتابيّة والتي حذّر منها الإسلام، وغالباً ما يلجأ الشّخص لهذا التصرّف لتوجيه انتباه الآخرين إليه أو بدافع الغيرة.

يُقسم التنمّر لنوعين: مباشر وغير مباشر، والّذي يندرج تحت مسمّى العدوان الاجتماعي المتمثّل بالتّهديد ونشر الشّائعات، وهذا ما يجعله وحيداً بمعزلٍ عن المحيط المجتمعيّ، هذا ويطال التنمّر كل من يُساند الضحيّة ويخالطه، فينتقدهم في الملبس، العِرق، الدّين، ممّا ينجم عنه آثار خطيرة، كالضّغط النّفسيّ المؤدّي للانتحار في بعض الأحيان.

وهناك أمثلة كثيرة للحالات اليوميّة الّتي يتعرّض لها البعض، فعلى سبيل المثال أخبرتني إحدى المتابعات عن تنمّر أهل زوجها، إذ يلقون كلماتهم السّامة في أذنها، إن فقدوا شيئاً من خصوصيّاتهم، مصاغاً ذهبيّاً أو أموالاً اتّهموها بالسرقة رغم أنّهم يقطنون منزلاً واحداً. هذا أحد الأمثلة، علماً أنّ المتنمّرين قد يكونون من أكثر الأشخاص الّذين ينادون بالتّسامح والمحبّة، وهم في الواقع يتّصفون بالصّراع الداخليّ، وعدم التّسامح والتّهديب وعدم الاحترام إضافة للأنانيّة، هؤلاء الأشخاص بحاجة لإعادة تأهيل، رغم أنّهم قد لا يعانون نقصاً في تقدير الذات، إلّا أنّهم يلجؤون لأسلوب التّنمّر لإخفاء عاداتٍ داخلهم أو إخفاء شعور القلق، فيجدون في إهانة الآخرين وسلوكهم العدواني منفذاً لضعفهم.

إنّ أخطر أنواع التّنمّر هو الّذي يكون في سنّ الطّفولة، لأنّه من المحتمل أن يصبح سلوكاً اعتياديّاً في الكِبر، لذا لا بدّ من معالجتهم وتدريبهم على وسائل الدّفاع عن النّفس لتعزيز ثقتهم بأنفسهم وقوّتهم البدنيّة، مع التّوعية بخطورة التّنمّر وعرض ضحاياه على الأخصائيين في حال تطلّب الأمر ذلك، فلنرفع شعار «لا للتّنمّر» أياً كانت أشكاله حتّى يكون المجتمع سويّاً يرتقي نحو الحضارة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/29bddpmx

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"