تقدير الذات بين التهويل والتفريط

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

يعاني البعض خللاً في تقدير الذات، فهناك من يهبط بكل منجزاته ومواهبه وقدراته وتعليمه ومعرفته إلى الحضيض بحجة التواضع، أو معرفة حقيقة النفس، والابتعاد عن التعالي والتكبر.
وهناك من يذهب في اتجاه آخر مختلف تماماً، وهو الصعود بتقدير الذات نحو درجات لم يبلغها، وتغذية نفسه بمشاعر غير حقيقية عن منجزات وقدرات ومواهب يتفرّد بها دون سواه؛ بل يعتبر أنه مختلف في تفكيره ورؤيته، لذا يمكن وصفه بالتعالي والتكبر؛ بل وصفه بما هو أبعد مثل البرجوازية، حيث يعيش في واقع لا وجود له، يُعلي من قدراته ومنجزاته التي تعتبر في أفضل الأحوال اعتيادية. 
وكما هو واضح، فإن الحالتين تقعان في الخطأ نفسه، الأول تمادى في التواضع لدرجة وصل فيها إلى مرحلة التفريط في كيانه واحترامه لنفسه، والثاني وصل إلى مرحلة التعالي والتكبر لدرجة آذى بها منجزاته وأعماله، وكلا الطرفين سيواجه معاناة نفسية وأذى بالغاً وكبيراً. وفي اللحظة نفسها، فإن مثل هذا السلوك بعيد تماماً عن التنمية الذاتية، وبعيد عن الموضوعية والدقة، والتعاطي الصحيح مع الحياة وأحداثها، ومع الناس ورؤيتهم ومتطلباتهم والمشاركة في المنجزات وفي التفاعل الاجتماعي.
سيبتعد الناس عن الأول لأنهم سيرون أنه ضعيف الشخصية، ولا يمتلك قدرات ولا معرفة ولا ثقافة، وسيكون عبئاً ثقيلاً على أي مشروع وعمل، فضلاً عن سلبيته وعدم التعاطي الصحيح مع الأحداث، وهو جانب يُخشى أن يكون سبباً في كثير من المشاكل. 
أما الثاني المتعالي المتكبر، فهو بمثابة طارد لكل من يتقرب منه، حيث سيعود ويتراجع مباشرة، لا يمتلك أي قوة للجذب، ولا يستطيع ترغيب أحد؛ بل على العكس تماماً، معظم من يعرفه يريد الابتعاد عنه. وفي أفضل الأحوال، فإن الجميع لا يريدون أن يجمع بينهم وإياه عمل مشترك، ولن تجد من يعمل بالقرب منه، إلا من هو مضطر أو من لا يمتلك خيارات أخرى.
وكلتا الحالتين ستجدها ماثلة في بيئات العمل، ومع أنهما مختلفتان تماماً، إلا أنهما تتشابهان في النتائج ونظرة الآخرين السلبية تجاههما. وكما أسلفت، فإن مثل هذا السلوك، سواء المتعالي المتكبر، أو الذي ينظر إلى منجزاته ولنفسه نظرة سلبية، هي نتيجة لفهم خاطئ في التنمية البشرية.. فهم خاطئ لمعنى التواضع، ومعنى الثقة. 
المطلوب فهم تعليمات التنمية البشرية، والتصرف بموضوعية، بعيداً عن الإهمال أو التشدد.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc8j9mat

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"