موسم التقييم

تسود مجتمع التعليم الخاص حالة من الاستنفار في هذه الأيام، ليس بسبب نتائج الفصل الدراسي الأول للعام الجاري، ولا بسبب حصاد الرسوم فحسب، ولكن لتأهّب المدارس لموسم التقييم، فالعمل جارٍ على قدم وساق، ودوام الهيئات بأنواعها يمتد في مدارس إلى الثامنة مساء.
تلعب التقييمات التي تجرى على المدارس سنوياً، دوراً مهماً في تشخيص واقع مؤسسات التعليم قبل الجامعي، للوقوف على حقيقة المستوى الأكاديمي وجودة التعليم ومخرجاته، وهنا تكمن أهمية الدقة والشفافية في عملية التقييم، وأهمية وضع معالجات تخاطب مخرجات التقييم لكل مدرسة.
ولكن هل ستظل أدوات التقييم ثابتة كما هو الحال في أعوامنا السابقة؟ وإلى أي مدى تتزايد قدرة فرق التقييم على اكتشاف الجاهزية والجودة التي قد تكون غير حقيقية في بعض المدارس؟
في موسم التقييم، نرى مدارس كثيرة متألقة على غير العادة، لتعود إلى سابق عهدها عقب الانتهاء من فترة التقييم، وقياس الكفاءة والقدرة على التطوير وجودة المخرجات، ولدينا أيضاً البعض الذي يعوّل على شركات الاستشارات المتخصصة لاجتياز «مطبات» التقييم، وهنا تكمن المشكلة؛ فلماذا لا تركز على التميز من أجل التميز؟ ولماذا تتميز فقط عند قدوم فرق التقييم؟
في الواقع عدم تطوير أدوات التقييم لسنوات، يُمكن مدارس من متطلبات وأساليب التقييم والجوانب التي يتم التركيز عليها، فباتت تمتلك مهارات لترتيب الأوراق وإعداد الخطط لتجاوز فترة التقييم بنجاح، وبعدها تعود «ريما لعادتها القديمة»، ننتظر من فرق التقييم مهارات تفوق قدرات المدارس، لاكتشاف الأوضاع الحقيقية في مجتمع التعليم الخاص.
يقع على عاتق فريق التقييم مسؤولية كبيرة في تشخيص أداء المدارس الخاصة؛ إذ إن نتائج الزيارات والتقارير الختامية، تقدّم وصفاً تفصيلياً عن حال مدارسنا، تساعد صناع القرار في بناء خطط واستراتيجيات جديدة، لتحفيز المتميزين لمواصلة تألقهم، وإعانة الآخرين على معالجة الجوانب التي تحتاج إلى تحسين.
التقييم يعد أداة مهمة للمجتمع المدرسي بمختلف فئاته، وتطوير أدواته واستحداث أساليبه وتجديدها باستمرار، يعتبر مساراً فاعلاً يُلزم الجميع بالمحافظة على التميز، كما أنه يوفر رؤية متكاملة لأولياء الأمور، لاختيار المدرسة المناسبة لابنائهم.
من يملك القدرة على التطوير والاستفادة من عملية رصد نقاط القوة ومواطن الضعف في مدرسته خلال التقييم؛ سيكون لديه حق الصدارة في قائمة المتميزين، وسنجد التقييم «زائراً خفيفاً»، يمر على المدارس المتميزة مرور الكرام، ولنجعل «التقييم» فرصة لإثبات الذات، وتصنيع منتج تعليمي لا يضاهى، على أن يكون التميز عنواناً للجميع «فرق التقييم والمدارس والمخرجات».
[email protected]