السودان.. تعزيز المؤسسية

00:29 صباحا
قراءة دقيقتين

فيصل عابدون

ضمن أعمال المرحلة النهائية للعملية السياسية في السودان، ناقشت ورشة تخصصية قضية الارتباطات القانونية وأهمية التحلي بالواقعية في قضية تفكيك نظام ال30 من يونيو/ حزيران المخلوع، وبشكل أكثر خصوصية مسألة استرداد الأصول والأموال المنهوبة ضمن استراتيجية مكافحة الفساد الذي نخر عظم الدولة السودانية في الفترة السابقة. والهدف الأساسي للورشة هو تفادي الأخطاء التي وقعت فيها لجنة التفكيك السابقة والتأسيس لمبدأ سيادة القانون في قضايا المال العام، السابقة واللاحقة.

والمعروف أن الفساد أحد المعوقات الرئيسية للتنمية، وهو يقوّض المؤسسات الديمقراطية وحكم القانون، ويزلزل النمو الاقتصادي للدول والمجتمعات. كما أنه يؤثر سلباً في الفقراء، ويفاقم معدلات الفقر والحاجة في المجتمع عبر تحويل موارد الدولة بعيداً عن الخدمات الاجتماعية الأساسية، وبالتالي يحدّ من إمكانية المواطنين في الحصول على خدمات الصحة والتعليم والمياه النظيفة والصرف الصحي، وغيرها.

وغالباً ما يوصف الفساد بأنه غول هائل يبدأ صغيراً، ثم يتعاظم مثل كرة الثلج في الأنظمة الفاسدة، وبالتالي تتمكن أقلية صغيرة من النافذين من السيطرة على أغلبية أموال الدولة ومواردها ويترك الشعب المغلوب على أمره ضحية للفقر والحاجة.

ورغم أن هذا النوع من التمكين يعتبر جريمة كبرى إلا أن مواجهته وتفكيكه يجب أن يتم بالطرق الصحيحة، المسلحة بالخبرة والدربة والتأهيل، والعلم الذي يغوص عميقاً في جذور الأزمة.

ومن الضروري لهذه العملية بالغة الأهمية والدقة والحساسية ألا تتحول الى نوع من الحروب الانتقامية المتعارضة مع روح القانون، أو الاستعراضية التي تهدف لتحقيق مكاسب سياسية على حساب الأزمات الماثلة.

وقد سلطت الخبيرة الأسترالية في مجال مكافحة الفساد، غريتا فينر، الضوء على هذه الجوانب خلال مشاركتها في أعمال الورشة عبر ورقة بحثية تتناول القضية بالشمول والدقة، مع ترك تفاصيل العمليات الفعلية للجهات والمؤسسات الوطنية المكلفة، أو التي سيتم تكليفها باسترداد الأموال المنهوبة من الدولة وتفكيك إمبراطوريات المال الفاسد.

وركزت الخبيرة في مستهل ورقتها البحثية على أهمية التحلي بالصبر وبالواقعية والاستعداد للعمل الشاق والتحديد الدقيق للأولويات، مع الالتزام الصارم بالقانون في كل الخطوات، حيث إن عملية تفكيك نظام استمر في السلطة لنحو 30 عاماً قد لا تكون عملية سريعة، وقد تستغرق سنوات.

وشددت على الشفافية في تقديم المعلومات وعدم تقديم وعود كبيرة للجماهير قبل التأكد من إمكانية تحقيقها. ومن الجانب الآخر فقد تناولت فينر القضية المتعلقة بإدارة الأصول التي تمت مصادرتها واستردادها فعلياً من رموز الفساد، حيث إن سوء إدارة هذه الأصول من قبل اللجنة المكلفة يمثل خطراً على مصداقية السلطة الجديدة، وعلى الاقتصاد الوطني أيضاً.

لقد كانت قضية التفكيك من القضايا المركزية في برنامج الحكومة الانتقالية. لكن لجنة التفكيك المكلفة وقتها، تعرضت لانتقادات شديدة من جهات قانونية وسياسية رفيعة بسبب أخطاء ارتبطت بالإداء. واعترف نائب رئيس اللجنة، محمد الفكي، خلال الورشة بالوقوع في أخطاء عديدة، مؤكداً العزم على الاستفادة من الأخطاء وتفادي الوقوع فيها مجدداً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/22vxfvtv

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"