سوريا وتركيا.. القطار على السكة

00:27 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

من الواضح أن قطار المصالحة بين سوريا وتركيا، وُضِع على السكة، لكنه يحتاج إلى إعادة تأهيل، بعد أن ظل متوقفاً لأكثر من أحد عشر عاماً، وأصابته أعطال كثيرة.

المصالحة ليست بالسهولة التي يتوقعها البعض، فقد حدثت منغصات كثيرة، عكّرت العلاقات بين البلدين، ولا بد بالتالي من جهد استثنائي، لإعادة المياه إلى مجاريها، وهذا ما يتم العمل عليه من خلال جهود روسية وإقليمية، لتحريك القطار من جديد. ويبدو أن الجهود بدأت تؤتي ثمارها، لكنها تحتاج إلى بعض الوقت حتى يحين موعد القطاف.

بدا خلال الأشهر الأخيرة من خلال تصريحات المسؤولين الأتراك أن هناك نوايا إيجابية للمصالحة، وقد بدأت بالفعل لقاءات على المستوى الأمني، ثم عُقد اجتماع في موسكو أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي، بمشاركة وزراء دفاع روسيا وسوريا وتركيا، وقادة أجهزة الاستخبارات في هذه الدول، تمت خلاله مناقشة سبل حل الأزمة السورية، ومشكلة اللاجئين، ومكافحة الإرهاب، ووصفت هذه المحادثات ب«البناءة والإيجابية»، ما يعني أن تقدماً تحقق بالنسبة للقضايا المطروحة، على أن تمهد هذه المحادثات للقاء على المستوى السياسي بين وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ونظيره التركي مولود جاويش أوغلو.

كان من المفترض أن يتم الاجتماع خلال شهر يناير/ كانون الثاني الحالي، لكنه أُرجئ إلى مطلع الشهر المقبل، وفقاً لوزير الخارجية التركي، لأن الاتصالات التمهيدية التي تقوم بها موسكو لم تستكمل، لوضع جدول الأعمال، وتهيئة الظروف التي تحقق النجاح المأمول.

من الواضح أن روسيا تُسرع الخطى لعقد لقاء بين الوزيرين، فقد قام الكسندر لافرنتييف مبعوث الرئيس فلاديمير بوتين بزيارة دمشق يوم الخميس الماضي، والتقى الرئيس السوري بشار الأسد، من أجل تطوير الاتصالات، ورفع مستواها.

بعد الاجتماع، أكد الرئيس السوري أن اللقاءات بين الجانبين حتى تكون مثمرة فإنها «يجب أن تبنى على تنسيق وتخطيط مسبق بين سوريا وروسيا من أجل الوصول إلى الأهداف والنتائج الملموسة التي تريدها سوريا من هذه اللقاءات، انطلاقاً من الثوابت الوطنية للدولة والشعب، المبنية على إنهاء الاحتلال، ووقف دعم الإرهاب»، وهذا الموقف لا ينم عن توجه سلبي؛ بل يلتقي مع موقف أنقرة الرسمي المعلن بأن تركيا ستنسحب من الأراضي السورية، عندما تتحقق التسوية، وعلى ضرورة مواجهة الإرهاب، والحرص على وحدة الأراضي السورية، وبهذا المعنى فإن المواقف بين دمشق وأنقرة متقاربة حول الأهداف، لكنها تحتاج إلى توضيح وتفصيل وإجراءات.

تركيا تريد تحقيق هدفين: عودة اللاجئين السوريين (أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ)، والتعاون مع دمشق، لمحاربة وحدات حماية الشعب الكردي؛ (قسد)، التي تتهمها تركيا بتوفير حاضنة لحزب العمال الكردستاني المتهم بالإرهاب، وبالتالي الحؤول دون قيام كيان كردي. أما سوريا فتريد إنهاء الوجود العسكري التركي في الشمال، والتوقف عن دعم وإمداد جماعات وفصائل المعارضة المسلحة في محافظة إدلب، وتتفق مع أنقرة على ضرورة احتواء «قسد»، ومنعها من تكريس «إدارة الحكم الذاتي» في مناطق تواجدها.

حتى الآن يبدو أن القطار يستعد للانطلاق بعد تهيئة الأرضية، وتوفير الوقود اللازم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2b9t4zth

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"