النجاح المهني والعطاء

21:59 مساء
قراءة دقيقتين

د. لويس حبيقة *
يتمتع الأشخاص الناجحون في الأعمال بأربع ميزات، هي القدرة، الرغبة، الفرصة، كما حسن العلاقات الاجتماعية. وللنجاح مهنياً، يجب أن يقوم الشخص بالعمل الشاق، وأن يكون ذا كفاءة، من دون أن ننكر أهمية الحظ. فالنجاح في الأعمال لا يكون بالصدفة، بل بالعمل المتواصل المنتج والمنوّه به اجتماعياً. وضمن هذه المجموعات الناجحة هنالك من يحب العطاء المتواصل، وآخرون يرغبون في الأخذ المتواصل، كما هنالك من يتنقل بين المجموعتين. وتشير الدراسات إلى أن الذين يرغبون في العطاء ويمارسونه ينجحون أكثر في الحياة بسبب رغبة الآخرين في التعاون معهم وفي تسهيل مهماتهم للحصول على حقوقهم. ويصبح النجاح أسهل عندما يتعاون الجميع. ومن يسبق الآخرين في العطاء ينجح أولاً، وهذا ما تشير إليه الاستطلاعات والإحصاءات المتخصصة في الدول الصناعية.

الرئيس الأمريكي السابق «إبراهام لينكولن»، كان يحب العطاء وقليل الأنانيةن كما تصفه كل الدراسات التاريخية. وعندما فاز بالرئاسة أمام 3 منافسين أقوياء، عيّنهم في أهم مراكز إدارته، وبالتالي ضمِن تعاونهم، وجمع الأمريكيين حوله. وقال «مارتن لوثر كينغ» إن على الإنسان أن يختار بين طريق العطاء الفاضل وظلمة الأنانية المدمرة. وللأسف، فإن قسماً كبيراً من المواطنين يختار الطريق الثاني، لأن الأنانية ما زالت مسيطرة في مختلف القطاعات، خصوصاً في قطاع الأعمال. والعطاء والتعاون الإيجابي مع الجميع هما الطرق الأفضل للفوز المهني.

ومن أهم أهداف السياسيين الجديّين تأمين الحد الأدنى من النمو للمواطن كي ترتفع مؤشرات السعادة في المجتمع. وتحقيق سعادة المواطن أصبح من أهم أهداف الحكومات الحديثة غير الفاسدة. وسعادة المواطن ترتفع مع زيادة الدخل والمنافع المادية لكنها غير كافية لاستمرارية السعادة. فهنالك مجتمعات يرتفع فيها الدخل الفردي لكنها لا تعتبر مجتمعات سعيدة بسبب سوء توزيع الدخل وغياب النشاطات العطائية الضرورية، كما بسبب زيادة التلوث والأمراض.

وقال «أمارتيا سن» الاقتصادي الكبير، إن نوعية الحياة مرتبطة باستقلالية الإنسان، وبالفرص المتاحة أمامه تبعاً لقدراته. وهنالك مفارقة مهمة في رأي «ريشارد ايسترلين» وهي أن العلاقة بين الدخل الفردي ومؤشر السعادة المجتمعية سلبية، بينما تكون إيجابية على مستوى الفرد، ما يشير إلى أن السعادة تتأثر بأمور أخرى غير الدخل.

عموماً، الغني يكون أكثر سعادة من الفقير. ومعدل السعادة في الدول الغنية أعلى من المستوى في الدول الفقيرة. لكن هنالك إحصاءات تشير إلى أن مواطني دول فقيرة جداً سعداء جداً. هل السبب عدم إدراك واقعهم، أم عدم رؤية كيف يعيش الغير في الدول الأخرى الغنية؟ الرغبة في تحسين الواقع المادي ضرورية جداً دفعاً للتقدم والتطور وجذباً للرفاهية ولرفع مستوى السعادة. أخيراً تلعب النقابات العمالية الجدية والصادقة دوراً كبيراً في تصحيح فجوة الدخل. وحتى ضمن الدول المتقدمة، هنالك فروقات كبيرة بين الوضع الاسكندنافي مثلاً، والوضع الأمريكي الشمالي، حيث يعاني الفقير أكثر بكثير في الولايات المتحدة مما في النرويج. وتكمن الأسباب في السياسات والعقليات والرغبة الصادقة في التصحيح والعطاء والعدالة.

*كاتب لبناني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2fvn63u5

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"