عادي
نصوص تستدعي أمجاد الحضارة العربية

بيوت للفرح والجمال في «الشارقة الشعري»

00:24 صباحا
قراءة 4 دقائق
عبدالله العويس ومحمد القصير ومحمد البريكي بين شعراء الأمسية

الشارقة - «الخليج»

شيد الشعراء بيوتا للفرح والجمال في الأمسية التي عقدت مساء أمس الأول الجمعة ضمن فعاليات مهرجان «الشارقة الشعري» التي أقيمت في قصر الثقافة في أمسية خامسة بحضور عبد الله العويس رئيس دائرة الثقافة بالشارقة، ومحمد القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية بالدائرة، المنسق العام للمهرجان، ومحمد البريكي مدير بيت الشعر.

شارك في الأمسية الشعراء: محمد عبد الباري «السودان»، وعائشة الشامسي «الإمارات»، وجاسر البزور «الأردن»، وأحمد نناوي «مصر»، وسارة الزين «لبنان»، وسلطان السبهان «السعودية»، وإبراهيم السالمي، «سلطنة عمان»، وقدم الأمسية الشاعر المغربي مخلص الصغير.

قدّم الشعراء عصارة تجاربهم الإبداعية عبر نصوص تؤكد عافية القصيدة في شكليها العمودي والتفعيلة مع تنويع في الأغراض الشعرية بين الغزل والحكمة والشجن والحواريات المملوءة بالأسئلة.

بدأ عبد الباري بنصوص تجولت خلال عوالم فكرية وروحية حيث يقول في واحدة من قصائده:

أنا برهة وأجرجر خلفي

البقية من ظلي المرهف

أراني ولا أمس يهبط عني

أراني ولا غد بي ينتقل

وفي نصه «أندلسان»، يحشد عبدالباري رؤى فلسفية حول الزمان والمكان وهما في تمام التشظي، برمزية لافتة وهو يشير إلى ماضي الأندلس والحضارة الإسلامية حيث يناجي النص ذلك الماضي المجيد ويستدعيه، يقول:

الذاهبون أهلَّة وغماما

تركوا شبابيك البيوت يتامى

خرجوا ولم يجد الفراغ خلاصه

أبداً ولم تلد الجبال خزامى

خرجوا ولا أسماء تحرسهم وقد

كانت ملامحهم تسيل هلاما

وعبد الباري ترعرع في السعودية، حصل على الماجستير في الآداب / الجامعة الأردنية، وفي رصيده جوائز أدبية، وله 5 مجموعات شعرية.

طرزت عائشة الشامسي أثواباً شعرية من قماشة اللغة، وعزفت لحنا بإيقاع فريد، بقصائد ألهبت الأكف بالتصفيق وفي نص لها يحمل عنوان «سطور»، تذهب الشاعرة إلى مساحات معطرة بالجمال، تقول:

إلى لغة تشد من الضلوع

يطمئنني الرجوع من الرجوع

فيا شعري الذي ما زلت تهوى

جراحاتي وحاجاتي وجوعي

سأنبت فوق هذا الجوع وعيا

ينبهني على تيه الجموع.

وفي نص آخر تتجلى قدرة الشامسي على صناعة الدهشة بلغة رقيقة تقول:

في العين ترمش طفلتان وكوكب

وبكل عين تستريح تعذب

لا تلقي يا وجهي علي موائدا

فإنا شبعت ولم تزل تتعجب

والشامسي شاعرة وأكاديمية حاصلة على الدكتوراه في الأدب والنقد، ولها عدد من الإصدارات الشعرية والنقدية.

بدوره قدم البزور، نصوصاً تحتفي بالهوية وتطوف بمعان ودلالات سامية، وفي أحد نصوصه نلمح رؤى جمالية صاغها ببراعة فيقول:

على ضفة الإلهام تمشي القوارب

وفي كبة الفنجان عين تراقب

ولست وحيدا بيد أن رفيقتي

يؤرجحها في الغيب وحي وكاتب

أفتش عن معنى يخلد فكرتي

بعيدا عن التشفير والشعر قارب

لتهمس في رأسي القصيدة خلسة

في شارقة السلطان تؤتى المطالب.

وفي نص أخر للشاعر نلمح مناجاة شفيفة بهمس حنون، حيث يسافر بنا نحو عوالم الحب والنجوى، في قصيدة مطلعها:

قالت حنانيكَ هذا القهر يقتلني

خذني إليك وجِدْ في داخلي بلدا

والبزور شارك في مهرجانات شعرية محلية ودولية، وله عدد من الإصدارات الشعرية.

ونناوي من الأصوات الشعرية الواعدة، وفاز بالعديد من الجوائز، ونشرت أعماله في مجلات صحف عربية، وله العديد من الإصدارات الشعرية.

بدورها قدمت سارة الزين باقة من الأشعار المضمخة بأريج البوح الأنثوي النفاذ، وفي واحدة تحتشد بالأسئلة والحيرة، والتشبيهات والصور المشهدية، تقول:

مبلولةٌ بالشتاتِ المرِّ أسئلتي / وغيمتي ابتلعتْ كلّ احتمالاتي / أرضي.. وقيلَ بُعيدَ الصمتِ / خائفةٌ خوفَ الحيارى / ترى هولَ القياماتِ.

ولدت بشّار الزين في بيروت عام 1987، حصلت على الماجستير في العربية وآدابها / الجامعة اللبنانية في 2021، كتبت العديد من المقالات النقدية والصحفية، ولها مشاركات في العديد من الأمسيات والمهرجانات اللبنانية والعربي.

وقدّم سلطان السبهان قصائد يحتشد فيها الحزن والشجن، تظهر فيها قدرة الشاعر على التعبير عن مشاعره بدفق وجداني، وفي إحدى قصائده بعنوان(تسابيح الفقد)، وهي في مقام الرثاء، نرى ذلك الحزن الذي يسكن في أشعاره فيقول:

سار ويحملُ في أجفانِهِ أرَقَهْ

وعينُكِ الليلة الممتدّةُ القَلِقَة ْ

سافرتُها والتفاتُ اليأسِ يُفزِعني

فكلما ذُبتُ شوقاً مَدّ لي عُنُقَه

وعُدتُ كالبدْوِ لا غيمٌ يضاحِكُهُم

كُبودُهمْ من ظما الأسفارِ محترِقة ْ

والسبهان شاعر وأكاديمي سعودي وله عدد من الدواوين الشعرية كان أولها ديوان (تفاصيل أخرى للماء)، 2015.

من جانبه، قدم إبراهيم السالمي نصوصاً عذبة تحتشد بالجمال وعذب الكلام، وفي قصيدته«اعتكاف»، يطوف الشاعر في عوالم العزلة والتأمل حيث يقول:

وهذا الليل في المعنى ضئيل

ويبدو من كثافته القليل

يميل المتعبون إلى التماهي

بأوجاع الحياة ولا أميل

أنا والليل ضدان استجابا

فكان الحب والشعر الجميل.

والسالمي من مؤسسي جماعة دريد للأدب بكلية نزوى للمعلمين في سلطنة عمان، تقلد عدداً من المناصب الثقافية في بلاده، وله إصدارات شعرية.وفي ختام الأمسية قام كل من عبد الله العويس، ومحمد القصير بتكريم الشعراء المشاركين.

باب المجاز

الشاعر أحمد نناوي عطر هو الآخر الأمسية بباقة من القصائد المرهفة بلغة جزلة، وأبحر في سماوات من الإبداع بمقدرة شعرية لافتة تصتع المفارقة حيث يقول:

أبدو بأعينكم كأني جالس / ما ظنكم بفتى قصير القامة / شغلته دنيا الناس عنه / كأنه خضر إذا / انقض الجدار أقامه

وتظهر براعة الصورة الشعرية عند نناوي في نص وقفوا على باب المجاز: وَقَفُوا/ على بابِ المَجَازِ وَحَدَّقُوا / وتساءَلوا: مَنْ في القصيدةِ أصدَقُ؟ / مَنْ أصدَقُ الشُّعراءِ؟ / قالَ عجوزُهُمْ: مَنْ كادَ يبكي إنْ بكى من يعشقُ!

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5c84y3a4

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"