د. منى تهلك
تعد إعادة التأهيل من أهم أركان الرعاية الصحية؛ بل هي مؤشر قوي لنجاحها وتميزها، خاصة أن هذا المجال الحيوي يحتاج إليه الإنسان بصفة عامة، وليس كما قد يعتقد البعض أنه موجه فقط للمصابين بإعاقة بدنية؛ بل هي خدمة طبية تقدم لكل من عانى أي عارض صحي أو إصابة حادة رافقته، أو طويلة الأمد، وأدت إلى خلل في وظائفه الحيوية والجسدية.
وكما هو واضح، فإن إعادة التأهيل ليست خدمة جانبية أو ترفيهية، وهي أيضاً ليست نخبوية؛ بل هي رعاية طبية متعارف عليها، وهي مكملة لرحلة العلاج والشفاء للمرضى. والناس الذين يحتاجون إلى هذه الرعاية الطبية أعدادهم كبيرة جداً؛ حيث تقول منظمة الصحة العالمية: «تشير التقديرات إلى وجود 2.4 مليار شخص في العالم من المتعايشين حالياً مع حالة صحية تستفيد من إعادة التأهيل». وهذا يوضح أن إعادة التأهيل مجال طبي على درجة عالية من الحيوية والأهمية، خاصة أن الجميع يستفيد منها، من الأطفال إلى كبار السن.
إعادة التأهيل تسهم في استقلالية المريض؛ حيث تمكّنه من القيام بمختلف الأنشطة الحياتية اليومية، من دون الاعتماد على الآخرين، مثل العمل، أو رعاية الأسرة، أو التعليم.
تكمن حيوية وأهمية هذا المجال الطبي في عموميته، وفي أن تدخله العلاجي شامل وعام لجميع الفئات ومختلف الأعمار، وبناء على هذه الخدمة المهمة التي يؤديها لقطاع واسع من الناس فإنه قطاع سيشهد نمواً وتتوسع أهميته بشكل أكبر. تقول منظمة الصحة العالمية: «من المتوقع أن تزداد الحاجة إلى إعادة التأهيل في جميع أنحاء العالم بسبب التغيرات الطارئة على صحة السكان وخصائصهم، من قبيل عيش الأفراد حياة أطول، وإن اقترن ذلك بمزيد من الأمراض المزمنة وحالات الإعاقة. لم تتم تلبية جميع الاحتياجات إلى حد كبير حالياً، ويفتقر أكثر من 50 % من الأفراد في بعض البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل إلى الخدمات التي يحتاجون إليها».
أيضاً تسهم إعادة التأهيل في جودة الحياة. على سبيل المثال، تعرض أحد المرضى لجلطة في المخ، عطلت وظيفة إحدى اليدين، وبفضل الرعاية الطبية تجاوز الخطر، وخرج بصحة وفي كامل وعيه. ومهمة إعادة التأهيل تستمر لإتمام الشفاء والعلاج والتدريب، في محاولة ليعود هذا العضو لوظيفته السابقة.
إعادة التأهيل مجال حيوي في الرعاية الصحية، يسهم في السعادة والاستقرار النفسي للمرضى، ويدعمهم ويمكنهم من تجاوز محنة المرض أو الإصابة.
استشاري أمراض نساء وولادة
مدير تنفيذي ـ مستشفى لطيفة
