الشارقة وجمهور القصيدة

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

عودة الجمهور إلى الأمسيات الشعرية تأتي من عمل دؤوب وديمومة على تقديم القصيدة بلباسها الأنيق الذي يشدّ ويُبهر، وإمارة الشارقة تسعى دائماً بفضل رؤية ورعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة إلى تقديم الشعر العربي في أبهى حُلّة، وما من مهموم بالقصيدة، عاشق لهديل الحروف، مسافر مع أسراب المعاني، إلا ووجد في الشارقة مبتغاه، ونال من فعالياتها ومهرجاناتها ما يتمناه.

ولهذا فإن روح السكينة والطمأنينة نابعة من روح نفخت فيها الإيمان، وسوّرتها بالثقافة، وأثّثت شوارعها بالقصيدة، فمالت الأشجار وتناغمت الأطيار، وهدأت الروح فيها.. إنها الشارقة التي تأخذ أوكسجين الحياة من صاحب السمو، حاكم الشارقة، الذي بفضل رعايته لها، جعلها واحة للثقافة والقصيدة.. القصيدة التي استطاعت أن تعيد الذائقة إلى القاعات، بحسن التنفيذ لمشروع الشارقة الثقافي من قبل دائرة الثقافة في الشارقة، التي تتابع وتعمل وتسابق الزمن لتحقيق هذه الرؤية.

إن ضيوف المهرجان هم بُعدٌ آخر، وقصيدة لها حضورها الأثير في حقول الإبداع، فما من كلمة تقال على المنابر إلا وهم يحلّقون معها، يتأمّلون مسارها وفاعليتها وقابليتها للتأثير، فهم الذين يوقدون شموع الفرح في كل نافذة يطل منها الشعر والشعراء، وحضورهم وجه آخر يبعث على الأمل، ويبشّر بولادة نصوص تتغلغل في زوايا المكان والزمان.

إن مهرجان الشارقة للشعر العربي جعل الذائقة تعبر إلى الضفة الأخرى للقصيدة، وتبحث مع الشعراء عن المشاعر الساكنة حناجرهم، فمن يمنح الأمل للشعراء سواهم وقد أضاؤوا أغصان القاعات، واستقبلوا الأصوات وكشفوا عن جمال آخر في أروقة المهرجان. إنهم في هذا العرس الثقافي الكبير شحنوا الذاكرة واتجهت حركاتهم الفرحة نحو منصات الشعر ومنابره، ريثما يرى هؤلاء المبدعون لوحة أخرى من الصعب رسم تفاصيلها بهذه الجدارة.

لقد ضموا في أعينهم النصوص المقروءة، واستوطنوا القلوب وعبروا عن لحظة النجاح بشغف، فهم وجوه حرة باستطاعتها أن تضيء كل مكان، وأن تبذر في الأمكنة أصداء البهجة، فهم مسكونون بالشعر، بالانتماء للهبّات الشعرية التي لا تتكرر. إنهم كالطيور التي تحلّق على مواطن العشب، فلا تضيع أصوات الشعراء سدى، وقد برع الجمهور في أن يُترجموا ما في أعماق الشعراء، وأن يتوسدوا الحلم على كل الجنبات، فقد فتحوا نوافذ قلوبهم لاستقبال خيالات الشعراء، وهم على أتمّ استعداد لأن يثبوا مع الحروف إلى حيث تشاء، فهم النجاح الحقيقي في مهرجان الشارقة للشعر العربي.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2f8pja8h

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"