العلاقات الدولية والإقليمية عام 2023

00:01 صباحا
قراءة 3 دقائق

كثيرون من الخبراء والمختصين في دراسات الشؤون العالمية، بدأوا يرصدون ظواهر جديدة ستتميز بها خريطة العالم في عام 2023. وإن تلك الظواهر سوف تشكل ملامح عام جديد، ينزع عن نفسه الكثير من الثوابت في العلاقات الدولية كانت قد ميزت هوية العام السابق.

وبرز في أجواء تلك التوقعات، طرح سؤال غير تقليدي هو: هل يمكن للموجة الثقيلة اقتصادياً على الدول النامية والتي ترتبت على حرب أوكرانيا، أن تدفع هذه الدول تحديداً، إلى الالتقاء معاً في تكتلات خارج دائرة صراعات القوى الكبرى.

عدد من الاقتصاديين أجابوا عن السؤال بأن الوصف الذي عرفت به الدول المسماة «دول العالم الثالث»، ربما يتغير بالنسبة لدول منها حققت قفزات تنافسية في التنمية الاقتصادية، في نفس الوقت الذي نشاهد فيه بدايات لمعاناة دول متقدمة من مشاكل داخلية شبيهة بما كانت تعانيه سابقاً الدول النامية.

في هذا الإطار عرض صندوق النقد الدولي صورة للاقتصاد في 37 دولة نامية، باعتبارها أنجزت قفزات حققت بها لنفسها اقتصاداً متقدماً. وفي ما عدا هذه الدول ال37، فإن هناك دولاً أخرى نامية، يمكن أن تحقق أوضاعاً اقتصادية بارزة.

في نفس السياق نشر البنك الدولي دراسة عنوانها: هل يجب علينا أن نستمر في استخدام تعبير أو مصطلح «الدول النامية؟» وقال إن هذه التسمية كانت تطلق على دول فقيرة نسبياً، بالمقاييس الاجتماعية والاقتصادية لدول متقدمة، لكن تلك المقاييس لم تعد تنطبق الآن على دول عديدة، ولم يعد مصطلح «الدول النامية» ينطبق على دول العالم الثالث بشكل إجمالي.

واتفقت مع تلك التوقعات المؤسسة الأمريكية Observer Research Foundation، وقالت إن دولاً من العالم الثالث وجدت ما يدفعها لتعزيز استقلاليتها عن الغرب، منذ اتخاذ دول متقدمة في مواجهة وباء كورونا مواقف أحادية لمكافحة الوباء، دون المشاركة الجماعية لصالح جميع دول العالم. وكانت تلك بداية لتوفير الأمان لشعوبها، واستقلاليتها عن القوى الكبرى في أمور كثيرة.

وإلى جانب ما لقيه مصطلح «دول العالم الثالث» من اهتمام، فقد طرحت بعض مراكز الدراسات السياسية تصوراً لعدد من التغيرات في العلاقات الدولية، منها مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي الذي رصد ما أسماه توقعات في السياسة الخارجية، وقال إنه يلزم أن نراقبها في عام 2023. وربما يكون لبعضها وقع المفاجأة، وتتصدّرها بالطبع حرب أوكرانيا، حيث يتوقع الكثير من صناع السياسة والخبراء استمرار تأييد أوربا لأوكرانيا، على الرغم من تراجع تأييد الرأي العام الأوروبي. إن العالم سوف يعيش تحت ظلال حرب أوكرانيا لسنوات قادمة، حتى ولو وضعت لها نهاية دبلوماسية.

هناك أيضاً ما لوحظ عن بدايات تغيير عدد من الدول لعلاقاتها الخارجية. فقد رأينا تحركاً لكوريا الشمالية في دعم موقفها تجاه الصين وروسيا، وهو ما ظهر من خلال بيعها صواريخ ومدفعية لروسيا لمساعدتها في حربها مع أوكرانيا.

وبالنسبة لإيران فقد عمّقت علاقتها مع روسيا، بما باعته لها من طائرات مسيرة وأنظمة عسكرية متقدمة، لكن استمرارية هذه العلاقة لا تزال تعد مسألة يمكن أن يلحقها بعض التغير.

أما عن مشكلة تأمين الغذاء فستظل تمثل مشكلة تؤرق شعوباً عديدة طالما لم تتخذ إجراءات دولية جماعية لعلاجها. وبالنسبة للهند، فإن حرب أوكرانيا وضعت عليها ضغوطاً دبلوماسية يمكن أن تدفعها إلى إعادة النظر في علاقتها طويلة المدى مع روسيا.

من ناحيتها توقعت مجلة «إيكونوميست» البريطانية، تصاعد التوتر في بعض مناطق العالم، خاصة بالنسبة للتنافس بين الولايات المتحدة والصين، وقالت: «من الممكن أن ترتفع حدة التوتر حول تايوان، إلا أنها لن تصل إلى حد الغليان، أو الاندفاع إلى نزاع حاد».

المعروف أنه عند انتهاء حرب بمنزلة الحرب العالمية، أو ما يقترب منها، في ما تحدثه من تأثير في العلاقات الدولية، يحدث أن تأتي بعدها إعادة ترتيب للأوضاع العالمية، وسياسات القوى التي تعد أطرافاً رئيسية في هذه الحرب، ويتم ذلك بناء رؤية المنتصر. لكن ما حدث وسيحدث في حرب أوكرانيا، كما يتوقع الكثير من الخبراء والمفكرين، هو أنها حرب لن يكون فيها منتصر أو مهزوم. وبناء على ذلك تتردد مقولات أن السحب الثقيلة الناتجة عن حرب أوكرانيا، ستظل تخيّم فوق سماوات العالم لسنوات قادمة، إلى أن تحدث تطورات ليس هناك إلى الآن يقين بشأن الشكل النهائي الذي ستكون عليه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3xuv78wk

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"