«هفوات» قاتلة

01:01 صباحا
قراءة دقيقتين

ليست وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبرخت أول من تطيحها تداعيات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا من القادة والسياسيين الأوروبيين، فقد سبق أن أطاحت تلك التداعيات العديد من هؤلاء، لكن فوق ذلك تعرضت لامبرخت إلى الكثير من الانتقادات حول قدراتها الشخصية و«الهفوات» التي ارتكبتها.

من بين ضحايا الأزمة الأوكرانية الذين سقطوا بشكل مباشر أو بسبب تداعيات تلك الأزمة، على سبيل المثال لا الحصر، ليزا تراس في بريطانيا، وقبلها بوريس جونسون، وإن تداخلت قضايا الفساد والفضائح مع التوترات والأزمات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن تلك الأزمة مع بعضها. وهناك أيضاً ماريو دراغي في إيطاليا الذي سقط مع تحالفاته على خلفية الأزمة ذاتها، فاسحاً المجال لصعود اليمين الإيطالي المتطرف.

لكن في الحالة الألمانية ثمة بعض الاختلاف والخصوصية؛ من حيث انكشاف القدرات الدفاعية للجيش الألماني، وحاجته الماسة إلى التحديث، بعد أن قيل الكثير عن هذا الجيش، سواء من حيث عدم وجود احتياط من الذخيرة يكفيه لأكثر من يوم واحد فيما لو اندلعت الحرب، أو على صعيد إصلاح آلياته العسكرية، وإدخال أسلحة حديثة إلى صفوفه بدلاً من بيعها إلى الخارج. وبالتالي فقد قررت السلطات الألمانية اعتماد استراتيجية دفاعية جديدة، وتخصيص 100 مليار يورو، لإعادة بناء، وتحديث الجيش الألماني، ليصبح واحداً من أقوى الجيوش الأوروبية في سابقة لم تحدث منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. غير أن لامبرخت أثارت الكثير من الشكوك حول قدرتها على بدء تنفيذ هذه الاستراتيجية، وظهرت بمظهر من يجسّد العجز وحتى أوجه القصور التي يعانيها راهناً الجيش الألماني من حيث تقادم العتاد وصعوبات التجديد.

والأسوأ أنها وضعت نفسها في مواقف تثير السخرية، مرة تلو المرة، فمع بداية العملية الروسية في أوكرانيا، أعلنت لامبرخت، أنها ستقدم خمسة آلاف خوذة للجيش الأوكراني في وقت كان زيلنسكي يطالب بإرسال أسلحة ثقيلة. وتحدثت مراراً عن أن الحرب في أوكرانيا أتاحت لها «لقاءات» مع العديد من المسؤولين الرائعين، كما ظهرت أخيراً في تسجيل مصور في برلين تقدم فيه التهاني بمناسبة رأس السنة، وهي تتحدث عن الحرب في أوكرانيا فيما المفرقعات والألعاب النارية تدوي بمناسبة العيد.

ويقال إنها استخدمت مروحية عسكرية للذهاب في عطلة مع ابنها البكر. من الطبيعي، إذاً، أن تنهال الانتقادات عليها، بعدما تكررت الأخطاء والهفوات، مما اضطرها في نهاية الأمر إلى تقديم استقالتها إلى المستشار الألماني، مبررة ذلك بتركيز الإعلام على شخصها طوال الأشهر الماضية. لكن لا يُعرف ما إذا كانت لامبرخت التي تنتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وتولت منصب وزيرة العدل في حكومة ميركل السابقة، جادة في تصريحاتها أم أنها مجرد هفوات فقط، لكن اللافت أن استقالتها جاءت في وقت تتعرض فيه ألمانيا للضغط من أجل إرسال دبابات إلى أوكرانيا، وقبل أيام قليلة من اجتماع للحلفاء الغربيين في قاعدة رامشتاين الأمريكية في ألمانيا؛ حيث يتوقع أن يتم الإعلان فيه عن مساعدات جديدة لأوكرانيا.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3kd8ds5z

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"