عادي

تحديد نوع المولود بين المباح والمحظور

23:19 مساء
قراءة 4 دقائق

القاهرة : بسيوني الحلواني

لا يزال الجدل بين الأطباء وبعض علماء الدين حول «تحديد نوع المولود» حيث يرى بعض علماء الفتوى أن التوسع في هذه المسألة يخل بالتوازن الذي أراده الله بين الذكور والإناث لتعمير الكون، بينما يرى آخرون ومعهم أطباء أن تطبيق وسائل التحكم في جنس المولود في ظل الضوابط الشرعية لا حرج فيه.

يؤكد د. محمد مقبل، أستاذ العقم وأطفال الأنابيب والحقن المجهري أن معظم الأطباء الذين يطبقون هذه التقنية في العالم العربي يهتدون بحكم الشرع، ويطبقون فتاوى المجامع الفقهية وعلماء الفتوى، ويستفيدون من الضوابط الشرعية حتى لا يبتعدوا عن هدى الدين في هذا الأمر. ويقول: «هناك فتاوى كثيرة صدرت عن الأزهر ودار الإفتاء المصرية ومجمع الفقه الإسلامي الدولي، يستوعبها معظم الأطباء الذين يعملون في المجال، فالطبيب الذي يعمل في مجال الحقن المجهري وأطفال الأنابيب ينبغي أن يدرك حساسية المنطقة التي يعمل بها، وألا يكون سبباً في اختلاط الأنساب أو ارتكاب محظور شرعي يجلب له غضب الله وعقابه».

الصورة

ويوضح د.مقبل أن هناك دواعي طبية واجتماعية تبرر اللجوء إلى تحديد نوع الجنين، فهناك أمراض تصاب بها الزوجة تجعل أولادها جميعاً من نوع واحد، وهناك دوافع نفسية واجتماعية تجعل الأسرة تبحث عن التنوع في أولادها ما بين الذكور والإناث، وهذه الدوافع والميول النفسية ينبغي أن نتعامل معها بقدر كبير من الفهم والوعي، لأن ديننا لا يصادر تلك المشاعر، وهناك أنبياء دعوا الله أن يرزقهم بالولد الذكر، فهذه رغبة مشروعة لا يجوز لأحد أن يصادرها باسم الدين.. المهم في تلبية هذه الرغبات ألا يكون فيها كراهية لجنس بعينه، وأنا شخصياً لو لجأت لي أسرة لكي أساعدها في أن يكون أولادها من جنس الذكور فقط أرفض القيام بذلك لأنني أجد فيه وأداً للأنثى وكراهية غير مبررة تجاهها.. والوضع يختلف لو كانت الأسرة لديها إناث وتريد ذكراً ليتحقق التوازن المطلوب والذي يريح النفوس، ويحل كثيراً من المشكلات الأسرية، فهناك أزواج طلقوا زوجاتهم بسبب إنجاب الإناث فقط وحمّلوهن مسؤولية ذلك.

لا تعارض مع المشيئة

يؤكد د. على جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر السابق مشروعية تحديد جنس الجنين، وأن السعي للوصول إلى ذلك مشروع، والأمور بمقاصدها، وقد ورد في السنة الإشارة إلى تحديد نوع الجنين، ففي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر فإذا اجتمعا وعلا ماء الرجل ماء المرأة «ذكراً بإذن الله» وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل «أنثى بإذن الله».. وفي رواية «أذكراً» أي بمعنى كان مولودهما ذكراً، وفي رواية «أنثا» أي بمعنى كان مولودهما أنثى.

وينصح د.جمعة بعدم التوسع في تحديد نوع الجنين، حتى لا يؤدي ذلك إلى اختلال التوازن بين الجنسين في الحياة، وإنما يقتصر فيه على قدر الحاجة.

ويؤكد د. أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن تحديد نوع الجنين جائز شرعاً، ولا حرج فيه، وهو شكل من أشكال الأخذ بالأسباب؛ شريطة ألا يقع الأطباء في محظور يؤدي إلى اختلاط الأنساب، وأن تطبق الجهود الطبية التي تستهدف ذلك في إطار من القواعد والضوابط، حتى لا ينتهي الأمر بنا إلى إحداث خلل في التوازن الذي أراده الله في خلقه، فليس من مصلحة أي مجتمع أن تتضاعف أعداد الذكور وتقل أعداد الإناث.

فتوى رسمية

توضح الإفتاء المصرية أن هناك فارقاً في الحكم بين تحديد نوع الجنين على المستوى الشخصي، وعلى المستوى الجماعي؛ فعلى مستوى الأمة فالأمر يختلف؛ لأن الأمر سيتعلق حينئذٍ باختلال التوازن الطبيعي الذي أوجده الله تعالى، وباضطراب التعادل العددي بين الذكر والأنثى الذي هو عامل مهم من عوامل استمرار التناسل البشري، وتصبح المسألة نوعاً من الاعتراض على الله تعالى في خلقه بمحاولة تغيير نظامه وخلخلة بنيانه وتقويض أسبابه التي أقام عليها حياة البشر.

وبِناءً على ذلك.. فالإنجاب بطريقة الحقن المجهري جائز شرعاً إذا ثبت قطعاً أن البويضة من الزوجة والحيوان المنوي من زوجها وأُعيدت البويضة مُلَقحةً إلى رحم تلك الزوجة دون استبدالٍ أو خلط بمَنِي إنسان آخر، وكانت هناك ضرورة طبيةٌ داعية إلى ذلك، وكذلك تحديد جِنس الجنين جائز شرعاً ما لم يُشَكِّل اختيار أحد الجِنسين ظاهرة عامة.

الأزهر يدعم

أكد د. أسامة الحديدي، مدير مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن قضية التحكم في جنس المولود حظيت بمناقشة طبية وشرعية داخل أروقة الأزهر العلمية، وانتهى العلماء إلى أنه لا يوجد في الشرع الإسلامي الحنيف ما يمنع من تحديد جنس الجنين، وفق ضوابط لابد من اتباعها ومراعاتها.

ونصح د. الحديدي كل زوجين أن يتوكّلا على الله عز وجل، وأن يدركا أن هذا العمل من قبيل الأخذ بالأسباب، وأن نجاح هذا من عدمه متوقف على مشيئة الله عز وجل وإرادته.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4wf2yjyw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"