عادي

تعرف إلى فكرة «توازن القوى»

22:10 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: «الخليج»

يؤكد مايكل شيهان في كتابه «توازن القوى التاريخ والنظرية»، ترجمه إلى العربية أحمد مصطفى، أن فكرة توازن القوى تحمل الكثير من المتناقضات، وهي أحد أهم الأفكار في التاريخ، فقد اعتقد الدارسون للعلاقات الدولية لقرون طويلة أن هذا المفهوم هو المفتاح لفهم الأنماط المتكررة لسلوك الدول في الأوضاع التي تتسم بالفوضى الدولية.

وهو المفهوم أيضاً الذي استرشد به رجال السياسة، ووجدوا فيه منهجاً لتأمين استقلال بلادهم، هذه الأهمية البالغة لمفهوم توازن القوى بالرغم من محدوديته كأداة للتحليل أو الاسترشاد بها في عالم السياسة حقيقة تاريخية، يجب دراستها وتحليلها وفهم مدلولها.

يوضح مؤلف الكتاب أن الصعوبة ليست في العجز عن اكتشاف معنى الفكرة، وإنما تكمن الصعوبة في كثرة هذه المعاني، فمن ناحية الجوهر يبدو لنا توازن القوى مفهوماً بسيطاً، يقدر المواطن العادي على فهمه، لكن المشكلة تنشأ من كثرة استخدام المصطلح بلا قيد من جانب المدافعين والمعارضين على السواء، وكذلك فإن تحليل أعداد لا تحصى من المراجع عن هذا المفهوم لم يسفر إلا عن عدد هائل من الأمثلة التي أضافت غموضاً للمعنى.

يسجل الكتاب عدداً من التعريفات، منها أن توازن القوى هو توزيع متساوٍ للسلطة بحيث لا يجد أحد فائدة عملية من إزعاج الآخرين، وهو إجراء تتخذه دولة لمنع جيرانها من أن يصبحوا أقوياء بدرجة كبيرة، لأن تضخم أمة لما وراء حدود معينة يغير من النظام العام لجيرانها من الأمم الأخرى، أو هو العمل على استمرار شكل من أشكال المساواة والتوازن بين الدول المجاورة.

يكشف التاريخ أن الخطر الذي يهدد استقلال هذه الأمة أو تلك، يأتي نتيجة للهيمنة المفاجئة لدولة مجاورة تتمتع بقوة عسكرية وكفاءة اقتصادية وطموح لتوسيع حدودها أو نشر تأثيرها، ويتناسب الخطر بشكل مباشر مع درجة هذه القوة وكفاءتها وتلقائية وحتمية طموحاتها، والضابط الوحيد لسوء استغلال الهيمنة السياسية الناتجة عن مثل هذا الوضع يتمثل في وجود معارضة من منافس كبير مكافئ لها، أو تحالف بين عدد من الدول تشكل كتلة دفاع واحدة، ويعرف التوازن الذي يتحقق عن طريق مثل هذه القوى المجتمعية من الناحية الفنية بتوازن القوى.

يفترض توازن القوى أنه لن يسمح لأي قوة أو مجموعة من القوى من خلال تبديل التحالفات والضغوط بالنمو المطّرد إلى درجة تهديد أمن الدول الأخرى، ويعمل توازن القوى بشكل عام على إبقاء متوسط قوة الدول منخفضاً من حيث كل معيار لقياس السلطة السياسية، بحيث تتعرض الدولة التي تهدد بزيادة قوتها عن المتوسط السائد إلى الضغط تلقائياً من جميع الدول الأخرى الأعضاء بنفس المجموعة السياسية.

يوضح الكتاب أنه عندما تصبح أي دولة أو كتلة قوية بصورة مبالغ فيها أو تهدد بأن تصبح كذلك ينبغي أن تدرك الدول الأخرى أن هذا يمثل تهديداً لأمنها، ويجب التصدي له عن طريق اتخاذ تدابير مماثلة، فردية ومشتركة، لتعزيز قوتها وسلطاتها، ويعتبر المبدأ الأساسي للتوازن هو أن تتجه القوى غير المهددة إلى التدخل لصالح الجانب، الذي يبدو أنه معرض للخطر في الحرب الدائرة للتأكد من أن الخاسر لم يتم إزاحته من النظام نهائياً، بل تم استيعابه في النظام الناشئ العملاق.

يقول مؤلف الكتاب: "لا حاجة إلى تنبيه الدارسين للسياسة الدولية بالحالة المتردية التي وصلت إليها نظرية توازن القوى، فالمشاكل معروفة: الطبيعة الغامضة للمفهوم، المعاني المتناقضة جزئياً التي اكتسبها أثناء التطبيق، والأغراض المتباينة التي يرمي إليها من وصف وتحليل وفرض للقوانين ودعاية إعلامية، والفشل الواضح الذي منيت به محاولات وضع تعريف واضح لتوازن القوى كأحد النظم وتحديد قواعده السارية.

يقوم الكتاب بفحص المعاني المتنوعة التي أعطيت لتوازن القوى على مدار هذه القرون ويتتبع التطور التاريخي لهذه النظرية والممارسة عبر أشكال أكثر تعقيداً بدرجة مضطربة، كما أنه يقوم أيضاً بوصف مبدأ التوازن بشكل تطبيقي عملي كضوء إرشادي وموجه للسياسات الخارجية وكتفسير تركيبي للكيفية التي يعمل بها النظام العالمي.

يقوم الجزء الأساسي من الكتاب بفحص كيفية عمل توازنات القوى القديمة التي كانت سائدة خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وذلك قبل المضي قدماً لتتبع مسار تطوره خلال القرن العشرين، وخاصة في متغير الردع الجديد الذي نشأ نتيجة اختراع القوى العظمى للأسلحة الذرية، بالإضافة إلى ذلك فإن أحد الفصول يبحث بعض البدائل التاريخية لمنظور توازن القوى، ويفسر أوجه الشبه والاختلاف بين هذه البدائل، مقارنة بتوازن القوى.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc5vhxv8

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"