عادي
يقدّمون 160 صنفاً مختلفاً يومياً

صنع في سجن دبي.. شعار لمنتجات النزلاء بعد تأهليهم

00:51 صباحا
قراءة 5 دقائق

تحقيق: سومية سعد

السجون لدى شرطة دبي لم تعد تهذيباً وإصلاحاً فقط، وإنما تحولت إلى تدريب وتأهيل على الحِرف والمهارات المميزة للنزلاء ثم الوصول إلى الإنتاج، سواء خلال وجودهم أو بعد خروجهم من المؤسسات العقابية والإصلاحية، والتي تعمل على تعديل سلوكهم وتغيير طباع بعضهم، بالمعاملة الحسنة والقضاء على وقت الفراغ، ومنح الكثيرين فرص تعليم وتدريب وعمل جديدة، تغيّر نظرتهم إلى الحياة، وسلوكياتهم الخطأ، وتدفع بهم للبدء من جديد في حياة أكثر صلاحاً وإيجابية وإنتاجية، حيث يوجد في المؤسسات العقابية والإصلاحية نحو 160 صنفاً مختلفاً من المنتجات يومياً.

الصورة

الفريق عبدالله خليفة المري القائد العام لشرطة دبي، يؤكد دائماً حرص الإدارة العامة للمؤسسات العقابية والإصلاحية على تقويم سلوك النزلاء عبر برامج مبتكرة، امتزجت فيها الجوانب الدينية والثقافية والتدريبية والاجتماعية والرياضية والإنسانية، حتى بات مكان تنفيذ العقوبات مؤسسة إصلاحية قبل أن تقدّم أفضل الخدمات للنزلاء، وفق المعايير العالمية المتبعة، وتتابع شؤونهم منذ دخولهم المؤسسات حتى الانتهاء من قضاء عقوبتهم، إضافة إلى استشرافها للمستقبل ومواكبتها أحدث التقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في مبادرات وبرامج الإدارة العامة للمؤسسات العقابية والإصلاحية، وفق أحدث التقنيات العالمية، بما يحقق الفارق في حياة النزلاء ويعكس الصورة المشرقة لإمارة دبي في عيون العالم.

تأهيل النزلاء

ويقول العميد مروان جلفار، مدير الإدارة العامة للمؤسسات العقابية والإصلاحية في شرطة دبي: «بتوجيهات القائد الفريق عبدالله خليفة المري، وفي إطار دعمه المستمر لتوفير المقومات اللازمة لتأهيل النزلاء وإصلاحهم، تمهيداً لدمجهم في المجتمع والقدرة على بدء حياة جديدة، وكسب العيش بشرف بعد انقضاء مدة العقوبة، تعمل المؤسسات العقابية بدأب على محاولة الإصلاح والتهذيب والتدريب، ومحاولة الترفيه عن النزلاء بين حين وآخر، عبر المسابقات والهدايا، والاحتفال معهم بالمناسبات السنوية المختلفة، إلى جانب إقامة بطولات رياضية، وكذلك تعليم السجناء العديد من الحرف المختلفة خلف أسوار السجون، حيث تتنوع المنتجات ما بين زراعية وأثاث وغيرها من المنتجات».

1

تعليم وتدريب

ويقول العميد صلاح بوعصيبة، نائب مدير الإدارة بالوكالة، إن إدارة تعليم وتدريب النزلاء تتكون من أربعة أقسام هي: قسم البرامج التعليمية، وقسم البرامج الدينية، وقسم البرامج الرياضية، وقسم التدريب المهني، حيث يقوم قسم البرامج التعليمية بالإشراف على متابعة ومساعدة النزلاء الراغبين في استكمال تعليمهم في جميع المراحل. أما قسم البرامج الدينية فتنصب مهامه على نشر الوعي الديني والتثقيف بمتطلبات العقيدة الإسلامية، ويهتم قسم البرامج الرياضية بجميع الأنشطة والمسابقات الترفيهية والرياضية للنزلاء، ويقوم قسم التدريب المهني بتنظيم الدورات المهنية والحرفية المختلفة، والعمل على توفير مهارات مهنية جديدة لدى النزلاء، وتنمية مهاراتهم الشخصية، وإعادة تأهيل النزلاء من الناحية المهنية والحرفية.

مصدر رزق

أما الرائد محمد عبدالله العبيدلي، مدير إدارة تعليم وتدريب النزلاء، فيقول: «أسهمت الحرف اليدوية التي يقوم بها نزلاء المؤسسة في توفير مصدر رزق وفرص عمل لهم بعد انقضاء مدة عقوبتهم، لا سيما أنهم يتقنون القيام بها نتيجة تدريبهم على أيدي فنيين وخبراء مختصين في ورش عمل مزوّدة بآلات وتقنيات حديثة، وأن هذه المنتجات التي يقوم بها النزلاء في المؤسسة تتنوع ما بين قطع أثاث يغلب عليها الطابع التقليدي، وتحف وملابس وإكسسوارات نسائية، وغيرها الكثير من المنتجات التي تشهد رواجاً وإقبالاً كثيفاً، إلى جانب مشاركاتنا السنوية في العديد من المعارض، إضافة إلى المعرض الدائم لمنتجات النزلاء في مبنى المؤسسات العقابية والإصلاحية».

منتجات للنزيلات

وتقول العقيد جميلة الزعابي مديرة إدارة سجن النساء: «تقوم نزيلات المؤسسة العقابية والإصلاحية بإنتاج معظم المنتجات النسائية، كالمفارش والشالات، والإكسسوارات المنزلية وتغليف الهدايا وغيرها الكثير، وذلك من خلال ورشة خاصة مزوّدة بآلات وتقنيات حديثة، وجميع المنتجات هي أفكار مشتركة بين فرق العمل في الورش، ما يضيف الجدية والحرفية للمنتج، لتستمر دورة التدريب بين النزيلات ممن احترفن العمل، وهناك العديد من النزيلات أطلعن الإدارة على مشاريعهن المختلفة في مجالات عدة بعد خروجهن من السجن».

متطلبات الإنتاج

وأكد النزلاء أن إدارة المؤسسات العقابية والإصلاحية في دبي تقوم بتوفير الخامات اللازمة لهم، ومتطلبات الإنتاج والأدوات والمدربين، وتشرف على عملية الإنتاج، بينما يخصص العائد من عملية البيع لصالحهم ويحصلون على مبالغ شهرية مجزية، وأن حياتهم تتغير بشكل إيجابي داخل السجن، فهم يكتسبون حرفة، ويجدون أنفسهم قادرين على الكسب والإنتاج، وبعضهم يستطيع أن يستغل هذه المهارات التي اكتسبها داخل السجن في العمل بعد الإفراج عنه.

ولا تقتصر خدمات الإدارة العامة للمؤسسات العقابية والإصلاحية على تأهيلهم فقط من خلال ورش العمل المزودة بأحدث الآلات والتقنيات، وفنيين وخبراء مختصين لتعليمهم المهن اليدوية، وتشغيل من يرغب منهم مقابل راتب شهري، فهم يتوزعون على 8 أقسام، تتضمن قسم التحف والنجارة، والصبغ والميكانيكا والخياطة وقسم الليزر، إضافة إلى قسم الحدادة الذي يصنع الأسرة والأقفاص والأراجيح، إضافة إلى تنفيذ طلبات خاصة يتم إرسالها إلى الإدارة.

ويقول النزيل «ن.ع» إن الإدارة قامت بعمل ورش تدريب على مهنة النجارة وتقدّمتُ لتعلّمها وأتقنتها، وسعدت كثيراً لأنه ستكون لديّ حرفة بعد خروجي من السجن. ويقول «ج.م» كانت لديّ مهنة النقش علي الخشب وأعيش منها إلى أن تعرّفت إلى أصدقاء السوء وتركت مهنتي وأهملت عملي وعلموني تعاطي المخدرات حتى دخلت السجن، ولكن الحمد الله بدأت أرجع إلى عملي في السجن وأحصل على عائد مالي من إقامة المعارض للنزلاء في العديد من الأماكن والأسواق العامة، والفعاليات كالقرية العالمية، وملتقى العائلة في دبي وغيرها، حيث تم بيع جميع المنتجات ويتحصل النزيل منها على راتب رمزي أرسل منه إلى أسرتي وبإذن الله بعد الخروج سأرجع إلى عملي مرة أخرى.

ويؤكد النزيل «س. ل» أن منتجات النزيلات المتنوعة تشهد إقبالاً جماهيرياً كثيفاً في المعارض التي تشارك فيها، إلى جانب منتجات النزلاء التي لا تكاد تختلف عنها في الحرفية والدقة التي يشهد لها، هذا إلى جانب أسعارها التي لا تقارن بأسعار السوق، نظراً لتواضعها. ويوضح النزيل «م.ع»: «تعلمت ما لم تتح لي الفرصة لتعلمه في الخارج، وتمثل هذه الدورات التأهلية بوابة مهمة بالنسبة لي للحصول على وظيفة بعد الإفراج، والتحقت بدورة في السباكة لتحسين وضعي، وأهم شيء هو أن أتمكن من العثور على مصدر دخل بعد خروجي من السجن».

وقالت النزيلة «ي. ب» هي وعدد كبير من النزيلات: «تعلمنا مهنة التطريز للبعد عن الملل داخل السجن وتعلم حرفة تفيدنا، كما يوجد البعض ممن لديه هوايات أو حِرف يتمنّى تطويرها، ولن يجدوا مكاناً مناسباً لذلك أكثر من السجن، بحكم تفرغهم التام في هذا المكان، ما يعني أنهم سيُبدعون في هذه النشاطات دون شك».

مهارة الطبخ

في مطبخ سجن شرطة دبي، يحصل النزلاء والنزيلات على فرص لتعلم مهارات المطبخ الأساسية، لمن لديهم الهواية لتعلّم فنون الطبخ التي قد تكون الحرفة الأنسب لهم بعد خروجهم من السجن، حيث يجد بعضهم رفضاً من أوساط مجتمعية، فيصبح العمل في مطابخ المطاعم مثلاً، هو الأنسب مجتمعياً، ويساعدهم على الحصول على وظائف.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ywy5hm43

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"