لا فكاك من التأثر.. لكن

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

يقال بأن الأطفال يشبهون العجينة اللينة التي يمكن تشكيلها، والقصد أنه يسهل تشكيل الطفل وفق ما يتلقاه من معاملة ومعلومات. ولعل أكبر من هو معنيّ بهذه الكلمات الأم والأب تحديداً؛ لأن هذا الطفل يفتح عينيه على تواجدهما أمامه، لذا فإن عملية تشكيل الطفل والتأثير عليه، إما إيجاباً أو سلباً، تبدأ من تلك اللحظة التي يقوم فيها عقله بتخزين المعلومات والملاحظة والتدقيق. وليس بالضرورة أن تكون عملية التأثير متعمدة أو مقصودة، بل قد تتم بشكل عفوي ومتسلسل، بمعنى أن الطفل يكتسب الكثير من الخبرات والعادات والكلمات والتصرفات من خلال الملاحظة والتدقيق والمراقبة. الكيفية التي يتعامل بها الأب والأم، في مختلف أوجه الحياة، يلاحظها ويكتسبها، حتى الخصام بينهما يرصده ويخزنه في عقله الباطن، لتصبح الكلمات المستخدمة، وطريقة رفع الصوت، ونحوها من حركات الجسد، هي النهج الذي قد يسلكه، في قادم الأيام.
 يمكن أن نتحدث من الآن حتى الغد، عن تأثير الأم والأب على الطفل، وهو تأثير لم يعد يقبل الشك أو الظن، فهو ماثل وواضح، ومع هذا فإن كثيراً من الأمهات والآباء يُسهمون بطريقة غير مباشرة وبعلم أو دون علم، في تحطيم أطفالهم، أو إخراجهم للحياة وهم مضطربون قلقون، وهذا نتاج لفقر معرفي وثقافي عند الأم والأب. يمكن توسيع الدائرة لتشمل مختلف أفراد الأسرة والأقارب، ثم المعلمين والمربين وزملاء الدراسة، هؤلاء جميعاً تتضافر جهودهم في منح الطفل شخصيته الجديدة، فإن كان مجتمعُه الصغير داخل الأسرة، أو أقاربه، ثم رفاق المدرسة ومعلموه، ذوي منهج قويم ومبادئ راسخة، فإن هذا الطفل لن يذهب بعيداً.
 ولكننا جميعاً نعلم أنه من المستحيل أن يكون مختلف أطياف المجتمع على درجة واحدة من الرؤية والهدف والقيم والمبادئ، وندرك من خلال المشاهدة والملاحظة أن العادات متباينة، والأولويات متعددة، بل حتى التصرفات والأخلاق ونحوها من القيم، تختلف درجاتها ومستواها من شخص لآخر، وبالتالي فإنه لا فكاك من تأثر هذا الطفل بمحيطه، ولكن عندما يكون الأب والأم على درجة من المهارة والوعي، وأيضاً المعرفة التربوية، فإنهما دون شك سيمنحان طفلهما ما يحتاج إليه من المعلومات والقيم التي تحميه وتمنعه من الهبوط، أو التأثر أمام أي سلوك شائن، وهذا يتطلب تعليم الطفل وتوعيته، وزيادة معرفته بمهارة تراعي المرحلة العمرية التي يعيشها. 
وتبقى، أولاً وأخيراً، الكلمة في بناء شخصية قويمة راسخة للطفل، للأم بحنانها وحبها، وللأب بجديته وعطفه.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/rhdrv4wb

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"