أدوار تنويرية

00:04 صباحا
قراءة 3 دقائق

حين زار صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بيت الشعر قبل سنوات، وجلس في منتدى الثلاثاء يتحدث عن الثقافة والشعر، كنت أرى في هذه الزيارة أن سموّه أراد أن يقول إن هذا المكان يسكن قلبه، ويوليه رعايته واهتمامه، وإن الشعراء بخير في ظل هذه الرعاية. وبعد فترة وجيزة من هذه الزيارة، أسندت إليّ مهمة الإشراف على هذا البيت، وهي في الحقيقة تكليف وأمانة غالية، فماذا سيقدم من يتولى هذه المهمة مقابل عطاء صاحب السمو حاكم الشارقة للشعر، ورفع قيمة من ينتسبون إليه، وما الجديد الذي سيقدم؟.

تساؤلات كثيرة تكاثرت علي، ولم أجد إلا أن آخذ من الكريم كرماً يصل إلى الشعراء، ومن جهده جهداً يمنحني أوكسجين العطاء، ومن محبته محبةً أقابل بها كل من يدخل البيت أو من يتمنى أن يصل إلى منبره، فهذا البيت يمثل حركة الإعلام النشط لفن ديوان العرب، حيث يحتفل دائماً بالشعر والشعراء باعتباره نموذجاً يملأ الساحة الشعرية بالفعاليات التي تستقطب المبدعين والنقاد والمثقفين، وهو ما يحدث نوعاً من التواصل الجمالي بين الشاعر ومحيطه، ويجدد في آن صورة القصيدة العربية في الذهن، إذ تتجسد وظائفه الحيوية في ظل الرعاية الكاملة من صاحب السمو حاكم الشارقة، في كون بيت الشعر هو الناطق باسم الشعر في هذه المرحلة الدقيقة من عمر الزمن، فقد جسدت استراتيجيته الفكرية احتفاء مستمراً بالكلمة الشاعرة خدمة للشعر ومكانته التاريخية، حيث أتاحت منابره لأصحاب المواهب الحقيقية أن يتغنوا بكلماتهم بشكل دائم أمام حشد من الحضور، وهو ما جعله يحمل مهمة رعاية هذا الفن الذي يحتاج في هذا العصر إلى وسائل اتصال قادرة على التميّز في ظل التغيرات التي تموج بها الحركة الشعرية في العالم العربي.

اقترن بيت الشعر بالجهد الملهم في إيصال رسالة دائرة الثقافة بالشارقة في التواصل مع الفنون العالمية في مجال كتابة القصيدة، إذ أبرز هذا البيت الذي ينفذ جملة من المشروعات المبتكرة في الشعرية العربية الواقع الشعري نماذج فائقة، خصوصاً أن مبادرة بيوت الشعر التي تحظى برعاية صاحب السمو حاكم الشارقة حققت نتائج جيدة عبر السنوات الماضية، وساهمت في إيجاد سوق شعرية حقيقية ترجمت على أرض الواقع عدة أهداف جوهرية من خلال عدة محاور استراتيجية منها عملية التنافس الحر بين أقطاب الشعر الجيد في كل مكان، إضافة إلى رصد الجوائز التي تغري الشعراء بأن يقدموا أجمل ما لديهم في هذا السباق المشروع، إضافة إلى أنها فتحت باباً للشعراء في النشر، ما جعل مواهب مخبوءة تمتلك أدواتها الشعرية في أن تكون ذائعة الصيت، فضلاً عن مكافأة هؤلاء على إبداعهم الأصيل.

إن إنشاء بيت الشعر كان حلماً جميلاً مثّل مرحلة مهمة لكل الذين عاصروا هذه التجربة من الشعراء والنقاد والمثقفين، حيث ناقش هذا البيت العديد من القضايا الشعرية المهمة ضمن فعالياته، بما يسهم بشكل ملموس في حركة التحولات الشعرية التي يشهدها الواقع الحالي، فضلاً عن قيامه بأدوار تنويرية في محيطه وفي كل الأرجاء، بما يعني مد الجسور على الاتجاهات كافة من أجل إغناء الثقافة العربية ومواكبة الثقافة العالمية في الاحتفاء بالشعر كضرورة ملحة في كل المجتمعات.

ومما قام به بيت الشعر بالشارقة خلال 25 سنة الماضية وهو يحتفل بيوبيله الفضي، تجديد شباب الشعر وثباته في آن على مبادئه وأهدافه ومثله وقيمه وغاياته المنشودة رغم التقلبات الشعرية في هذا العصر، فضلاً عن دوره في مهرجان الشارقة للشعر العربي، الذي يواجه الركود الشعري بموجات متدفقة من إثراء الفعاليات واجتراح مسالك جديدة في فتح قنوات مباشرة مع الجمهور من أجل الاستمتاع بالدور الجمالي الذي يغني به الواقع الأدبي والثقافي بوجه عام، والشعري بوجه خاص، وبشكل متوهج، بما يضيف إلى بنك الشعر أرصدة جديدة تحتفي بالمسيرات المشرقة والقامات المبدعة وأصحاب الرسوخ في عالم الشعر جنباً إلى جنب مع أصحاب الإبداع الجديد في القصيدة العربية، والاحتفاء بمنجزاتهم الشعرية الأصيلة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5csm9bn4

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"