عادي

أمريكا.. «حرب وثائق» انتخابية

22:37 مساء
قراءة 4 دقائق

كتب - بنيمين زرزور:

لن تكون أزمة الاحتفاظ بالوثائق السرية المنسوبة إلى كل من الرئيسين الحالي جو بادين، والسابق دونالد ترامب، بالحجم الذي تريد بعض وسائل الإعلام تصويرها، رغم أنها قد تكبر بسبب الصراع بين أبطالها، خاصة مع بدء التسخين لانتخابات الرئاسة عام 2024.

مع الفوارق التي تفصل بين الحالتين، سواء لجهة كم الوثائق التي احتفظ بها ترامب وتمنّعه عن تسليمها، مقارنة بما تسرب من وثائق اتهم بها خصمه وسارع مساعدوه لتسليمها إلى وزارة العدل، يحرص كل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري على تحجيم التأثير الذي قد تتركه الأزمة على سمعة مرشحه.

فقد سارع البيت الأبيض والديمقراطيون في واشنطن للحد من أي ضربة سياسية دائمة يتعرض لها الرئيس بايدن من الضجة التي أثيرت بشأن طريقة تعاملهم مع مواد سرية، الأمر الذي أثار الفوضى في الفترة التي سبقت محاولته المتوقعة لإعلان ترشيحه لانتخابات عام 2024.

وتعرض الرئيس وكبار مساعديه ومحاموه لانتقادات متزايدة في الأيام الأخيرة؛ لسوء تعاملهم مع سجلات حكومية حساسة تعود لفترة إدارة أوباما عندما كان بايدن نائباً للرئيس، والتي تم اكتشافها في مكتبه الخاص ومقر إقامته ابتداء من أوائل نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

استغلال جمهوري

وقد أعطت هذه الاكتشافات الجمهوريين ذخيرة سياسية غير متوقعة في حربهم ضد بايدن، في وقت كانت فيه معدلات تأييد الرئيس تتحسّن باطراد. وأثارت أيضاً حالة من القلق المفاجئ بين الديمقراطيين الذين احتشدوا حول الرئيس بعد أدائهم الذي جاء أفضل من المتوقع في انتخابات التجديد النصفي، وتحسن البيانات الاقتصادية.

حتى الآن لا يوجد ما يشير إلى أن بايدن يعيد التفكير في نيته الترشح لولاية ثانية في البيت الأبيض في انتخابات 2024 في ضوء ما تم الكشف عنه، ولا يزال الديمقراطيون يدعمون بأغلبية ساحقة ترشيحه العام المقبل.

لكن مسؤولي البيت الأبيض والديمقراطيين يحاولون الدفاع عن بايدن ضد سيل من الاتهامات الجديدة التي يقودها الجمهوريون والتحقيقات في الكونغرس. كما أنهم يجتهدون أيضاً لدحض أي احتمال للتكافؤ بين قضيته والتحقيق الفيدرالي ضد ترامب، بسبب احتفاظه بوثائق سرية في مار آلاغو، والتي انطوت على مواجهة استمرت لأشهر مع وزارة العدل.

وقالت ماري آن مارش، المحللة الاستراتيجية من الحزب الديمقراطي: «سيفوز جو بايدن في المحكمة، لكنه بحاجة للفوز في محكمة الرأي العام أيضاً. الفرق بين ما فعله بايدن وترامب هو كالفرق بين الليل والنهار. أعتقد أنه ينبغي للبيت الأبيض القيام بعمل أفضل للتواصل مع الشعب الأمريكي بشأن هذه الأزمة الطارئة».

ويعتقد مشرعون ديمقراطيون أن بايدن يجب أن يكون أكثر وضوحاً في تفسير عدد من الحقائق الرئيسية ودوره في القضية.

ويبدو أن بايدن غرق فجأة في مستنقع قانوني وسياسي يحيط بتعامله مع السجلات الحكومية السرية.

وسوف يعتمد التأثير على بايدن على طبيعة مشاركته الشخصية وسلوكه فيما يتعلق بالملفات، لكن القضية تسبّبت في صداع كبير للرئيس. وقال النائب العام ميريك جارلاند، إنه سيعين مستشاراً خاصاً لفحص طريقة تعامله مع المواد.

قد يكون تأثير الكشف عميقاً، مع تداعياته على التحقيق الفيدرالي في تعامل الرئيس السابق ترامب مع مجموعة أكبر بكثير من الوثائق السرية في عقار مار لاغو في فلوريدا.

تشابه واختلاف !

تعدّ مراجعة إساءة استخدام بايدن المحتملة للمواد السرية مهمة؛ لأنها تأتي في خضم تحقيق جنائي فيدرالي في حيازة ترامب غير المصرح بها لسجلات حكومية يعود تاريخها إلى الفترة التي قضاها في البيت الأبيض.

هناك بعض أوجه التشابه، على سبيل المثال أنه في كلتا الحالتين يبدو أن المستندات السرية قد تمّ نقلها بشكل غير صحيح من المرافق الحكومية، خلال الفترات الانتقالية بين إدارتين في أوائل عام 2017 وأوائل عام 2021. ولكن هناك أيضاً بعض الاختلافات الصارخة.

فمن حيث الحجم أخذ عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي حوالي 33 صندوقاً وحاوية تضم 11000 وثيقة احتفظ بها ترامب، منها 100 وثيقة سرية، في حين تم العثور على 10 وثائق سرية في حوزة بايدن.

لكن السؤال الأهم يتعلق بالتعاون مع السلطات الفيدرالية. بينما قاوم ترامب تسليم الوثائق لعدة أشهر، في مواجهة مع المدعين أدت في النهاية إلى مداهمة من قبل عملاء فيدراليين، قال البيت الأبيض، إن فريق بايدن قام على الفور بتسليمها بمجرد اكتشافها، متصرفاً بحسن نية.

من منظور قانوني، قد لا يواجه بايدن مشكلة خطِرة، ما لم يحتفظ عن عمد وبشكل غير قانوني بالسجلات الحكومية الحساسة، وإخفائها. وحتى الآن، تبدو القضية مجرد سوء تعامل مع الأوراق من قبل موظفيه، خلال الفترة الانتقالية لعام 2017، والتي تمّ تصحيحها بمجرد اكتشافها، دون أي نزاع مع السلطات الأمريكية.

يتعلق بعض أكبر الأسئلة المحيطة بسلوك بايدن بالشفافية، ولماذا لم يكشف هو أو البيت الأبيض علناً وبسرعة عن وجود وثائق سرية في عقاره الخاص؟ ومتى تم إعلامه بالمشكلة لأول مرة؟

منذ أن عين جارلاند في نوفمبر/تشرين الثاني جاك سميث، المدعي الفيدرالي المخضرم، كمستشار خاص للنظر في التحقيقات الفيدرالية بشأن ترامب فيما يتعلق بقضية وثائق مارالاغو، ودوره في أعمال الشغب في 6 يناير/كانون الثاني، كانت هناك توقعات بأن وزارة العدل ستتخذ قريباً خطوة توجيه الاتهام إلى الرئيس السابق.

من المحتمل أن يواجه ترامب بعض التهم الخطِرة للغاية، بما في ذلك انتهاك قانون التجسس لجرائم تتعلق بالأمن القومي، فضلاً عن سوء التعامل مع المواد الحكومية وعرقلة سير العدالة.

جاءت انتقادات بايدن حتى الآن، من الجمهوريين؛ حيث اتهمه سياسيون محافظون بالنفاق وازدواجية المعايير مقارنة بترامب. لكن إذا بدأ الديمقراطيون في التشكيك في سلوكه، فقد يزيد ذلك من احتمالات ترشيح بدلاء عنه لانتخابات عام 2024.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2bp3dekp

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"