«اتركوه في حاله»

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

قبل أسابيع قليلة فقط كان الرئيس الأمريكي جو بايدن وحزبه الديمقراطي في حال شماتة وتشفٍ من خصمهم العنيد، الرئيس السابق دونالد ترامب، بسبب العثور على وثائق صنفت على أتها «سرية للغاية» في قصره بفلوريدا بعد تفتيشه بتكليف قضائي، لأن وثائق مثل هذه يتعين على الرئيس، أي رئيس، أن يسلمها بعد انتهاء ولايته، فبموجب قانون السجلات الرئاسية، من المفترض أن تذهب سجلات البيت الأبيض إلى الأرشيف الوطني بمجرد انتهاء الفترة الرئاسية. وتنص اللوائح على أرشفة وتخزين هذه الملفات بشكل آمن.
ولكن لأن «الدنيا يوم لك ويوم عليك»، و«دوام الحال من المحال»، سرعان ما أصبح الرئيسان السابق والحالي «في الهوى سوا»، حين أعلن عن اكتشاف وثائق سرية في بيت بايدن نفسه، آخرها 6 وثائق سرية أعلن محققون عن العثور عليها لدى تفتيش منزل بايدن في ديلاوير، وصادر هؤلاء المحققون «ملاحظات مكتوبة بخط اليد وغيرها من المواد التي عثر عليها».
الشامت اليوم لن يكون بايدن والديمقراطيون وإنما ترامب وأنصاره في الحزب الجمهوري، وكأن لسان حاله يخاطب الديمقراطيين ساخراً: «يا فرحة ما تمت»، فعن أي مخالفات تتحدثون، طالما كبيركم، أي الرئيس بايدن، فعل الشيء نفسه، وقبلي، عندما كان لما يزل نائباً للرئيس.
ولأن «المصائب لا تأتي فرادى»، أعلن قبل يوم أو يومين عن العثور على وثائق سرية أخرى في منزل نائب الرئيس ترامب، مايك بنس، في منزله في إنديانا، سلمها محاموه إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي»، مشيرين إلى أن «إف بي آي» جاء إلى منزل نائب الرئيس السابق لجمع الوثائق متجاوزاً «الإجراءات الرسمية» وطالباً «الاستحواذ الفوري» عليها. وفي رسالة نشرتها وسائل الإعلام، قال هؤلاء المحامون إن «عدداً صغيراً من الوثائق التي تحمل ختم سري للغاية، من المحتمل أن تحتوي على معلومات حساسة أو سرية»، تمّ «حصرها عن غير قصد ونقلها» إلى منزل بنس في نهاية فترة رئاسة ترامب.
بعد أن كُشف أمر تلك الوثائق سارع ترامب للدفاع عن نائبه، رغم أن الود بينهما بات مفقوداً، قائلاً إنه «رجل بريء.. لم يفعل أبداً أي شيء غير أمين عن قصد في حياته. اتركوه في حاله»، وربما فات ترامب استدراك أنه لا الديمقراطيون سيتركونه، هو ونائبه، في حالهما، ولا هو سيتركهم في حالهم. إنها لعبة تصفية حسابات مستمرة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mry8cvx

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"