عادي

العدالة.. ضامن الحقوق المادية للمرأة

23:15 مساء
قراءة 4 دقائق

القاهرة: بسيوني الحلواني

الحقوق المادية للمرأة من الأمور التي تثير الجدل، حيث توارث كثير من الرجال إهدار الحقوق المادية لنسائهم، فهناك من يرغب في مصادرته وضمه إلى ماله، وهناك من يختلق الأزمات مع زوجته العاملة لإجبارها على تقديم راتبها له، وقد تصل المشكلات حول راتب الزوجة إلى الطلاق.. أما الآباء والأشقاء الذين يحرمون بناتهم وشقيقاتهم من الميراث في بلادنا العربية فهم أكثر من أن يحصوا.

يؤكد د. فتحي عثمان الفقي، أستاذ الشريعة الإسلامية، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر أن «حجم المشكلات الاجتماعية والأسرية والصراعات والجرائم التي ترتكب بسبب جحود الآباء أو الأشقاء أو الأزواج لحقوق نسائهم المادية كبير، ويحتاج إلى حملات توعوية شرعية، وتدخل تشريعي يكفل لهن حقوقهن».

الصورة

ويضيف: «الإسلام أعطى للمرأة حقوقها المادية، من المهم الاهتداء بشريعة الإسلام، إذ كفلت شريعتنا الغراء كل حقوق المرأة المادية، وترفض وتدين سلوك كل زوج أو أب أو أخ يهدر هذه الحقوق، ومن المهم أن يعلم كل الرجال أن الإسلام جعل للمرأة ذمة مالية مستقلة مثلها مثل الرجل تماماً، ولم يعط ولي المرأة سواء كان أباها أو شقيقها أو زوجها حق مصادرة أموالها، أو فرض وصاية على أموالها، وأعطى الإسلام للمرأة حق جميع التصرفات المالية في أموالها الخاصة بها من بيع وشراء وهبة ورهن وعقد للعقود وغير ذلك من التصرفات النافعة لها، فلها أن تعقد وبكامل حريتها وإرادتها ما هي أهل له من العقود والتصرفات، وننصح بأن تستفيد المرأة من خبرة والديها أو زوجها أو أولادها في التصرفات المالية التي تحتاج إلى خبرة ودراسة حرصاً على أموالها».

وعن حق المرأة في ثروة زوجها التي ساهمت معه في تكوينها، خصوصاً وأن البعض يطالب بحصول الزوجة في حالة الطلاق على نصف ثروته، يقول: «الموقف الشرعي هنا واضح، وقد أعلنه الأزهر فيما يعرف ب(حق الكد والسعاية)، وهو باختصار يكفل حق المرأة في تكوين ثروة زوجها بالقدر الذي شاركت به، وليس باقتسام الثروة كما يردد البعض، وهذه هي عدالة الإسلام، فليس من العدل أن تساهم الزوجة في ثروة زوجها بعشرة قروش ثم تطالب بالآلاف أو الملايين، العدل والحق لا يقر هذا».

ويوضح د. الفقي معنى (حق المرأة في الكد والسعاية) والذي أقره الأزهر وطالب به، فيقول: «هذه فتوى تراثية، يرجع أصلها الفقهي إلى أدلة الشريعة الإسلامية الواردة في حفظ الحقوق، والمقررة لاستقلالية ذمة المرأة المالية، والتي منها قول الحق سبحانه: «للرِّجَالِ نَصِيبٌ ممَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ ممَّا اكْتَسَبْنَ».

وحق الكد والسعاية للزوجة لا يقدر بنصف ثروة الزوج أو ثلثها، وإنما يقدر بقدر مال الزوجة المضاف إلى مال زوجها وأرباحه، وأجرة سعيها وكدها معه، ويمكن للزوجة المطالبة به أو المسامحة فيه أو في جزء منه، ومن صور إنصاف الزوج وحسن عشرة زوجته أن يعطيها حقها في الكد والسعاية وتكوين ثروتهما في حياته بنفسه، لتجعله في ذمتها المالية الخاصة، وليبقي في ذمته ما كان ملكاً خالصاً له، مما تجري عليه أحكام الشريعة حال حياته وبعد وفاته.

تعزيز العدالة

يقول د. عباس شومان، أستاذ الشريعة الإسلامية وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر والمشرف العام على مراكز ولجان الإفتاء الأزهرية: «أعمال المرأة المنزلية لا تدخل في حق الكد والسعاية، فعمل الرجل خارج المنزل خدمة ظاهرة لزوجته وأهل بيته حتى يوفر لهم النفقة، وأعمال المرأة المنزلية خدمة باطنة لزوجها وأبنائها حتى يتحقق السكن وتستقر الحياة الزوجية».

ويحذر د.شومان من تحويل المطالبة بتعزيز العدالة داخل الأسرة إلى شعارات عنصرية، وإجراءات متحيزة، تدعو إلى المساواة التي لا عدالة فيها، وتزكي من الاستقطاب والندية بين الزوجين، وتعرض العلاقة الزوجية في صورة مادية منفرة لا مودة فيها أو سكن، فهذا أمر مرفوض ومناف لتعاليم الأديان، وفطرة البشر، وقيم المجتمعات الإسلامية المستقرة.

حقوق المرأة

تؤكد د. سعاد صالح أستاذة الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر حماية الشريعة الإسلامية لكل حقوق المرأة المادية، وتعطي لها الحق في أن تتصرف بأموالها، وأن تستثمرها بالشكل الذي ترضاه وتراه محققاً لمصلحتها، وعليها هنا أن تستشير زوجها لو كانت لديه خبرة في هذا المجال، كما أن من حقها أن تحتفظ براتبها لنفسها، وهي ليست ملزمة بنفقات الأسرة، فالزوج هو الملزم شرعاً بالنفقة على الأسرة، والزوجة مخيرة بين أن تسهم ببعض راتبها أو كله في نفقات البيت من عدمه، ولو كان هناك اتفاق بين الطرفين على مساهمة الزوجة بجزء من راتبها في نفقات البيت مقابل خروجها للعمل أو للتجارة فعليها أن تفي بما وعدت به واتفقت عليه مع زوجها.

وتضيف: «الشريعة الإسلامية التي قررت للمرأة حقها في الاحتفاظ بمالها واستثماره كيفما تشاء، وحقها في الاحتفاظ براتبها وعدم منح الزوج شيء منه إلا برضاها، هي نفسها التي حرمت عدوان الأب حال حياته على حق ابنته في الميراث بعد وفاته بتخصيص ميراثه لأبنائه الذكور كما يفعل كثير من الآباء، كما جرمت سلوك الأشقاء الذين يصادرون حقوق شقيقاتهم ويحرموهن من الميراث، لأن حرمان النساء من ميراثهن من أكثر صور مصادرة حقوق المرأة المادية في بلادنا العربية، فالله سبحانه وتعالى هو الذي وزع المواريث، وجاء توزيعه عادلاً، ويحمل كل صور الإنصاف، ولا يجوز لأحد أن يصادر حقاً قرره الخالق سبحانه وتعالى، وإلا أصبح خارجاً على أحكام شرع الله ومعتدياً على الحقوق، لذلك أكد العلماء أن الأب الذي يحرم بناته من حقهن في الميراث، ويخص به أولاده الذكور بأنه (آثم شرعاً) ومعتد على شرع الله، وسوف ينال ما يستحق من عقاب على ذلك».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2jx3duzy

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"