عادي

تعرف إلى أهمية مقدمات وهوامش كتب طه حسين

21:59 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: «الخليج»

أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب «هوامش العميد.. ملامح التجربة المعرفية عند طه حسين» للناقد والأكاديمي الدكتور أيمن بكر، والذي يؤكد أن طه حسين أكثر وجوه الثقافة المصرية والعربية إثارة للجدل في أثناء حياته وبعد انتهائها، والكتابة عنه مسألة صعبة.

ما الجديد الذي يمكن تقديمه عن العميد؟ وهل تكفي الرغبة في درسه والاحتفاء به لإنتاج معرفة حقيقية مختلفة، أم ستتحول الكتابة إلى صورة مكررة؟، لكن ما الذي يقصده أيمن بكر بمفردة هوامش العميد؟ هو يقصد تلك الهوامش المتمثلة في مقدمات الكتب وخواتيمها، والمقالات الصحفية القصيرة، والمقابلات، وإهداءات الكتب.

أيضا يقصد أيمن بكر ما كتبه طه حسين بالفرنسية، أي تلك الكتابات التي ينظر إليها عادة بوصفها حاشية على متنٍ، أو بوصفها، في أحسن الأحوال، مداخل يمكن المرور فوقها سريعاً، باتجاه المنتج الأولى بالعناية؛ أي باتجاه أفكار شكلت أدبيات طه حسين التقليدية، التي دار حولها التقييم سلباً وإيجاباً، أو تناولها التحليل الهادئ الراغب في الفهم وهو الأبقى.

يقول: «تتبعت الفكرة، وقضيت وقتاً طويلاً أقرأ تلك الهوامش، بلا هادٍ من افتراض بحثي، أو فكرة جامعة يمكنها أن تمثل خيط اتصالٍ يسمح بإقامة بحثٍ، إلى أن لاحظت أن ملامح التجربة المعرفية لطه حسين تنتثر في تلك الكتابات التي أسميها الهوامش، بأكثر مما تظهر في متون كتبه».

يقصد بكر بالتجربة المعرفية اختصاراً؛ تلك القواعد التي تحكم توجّه طه حسين نحو المعرفة؛ أي أسس تعامله معها، وطرائق تكون المعرفة وإنتاجها، ومدى تفاعلها داخل عقله، ومدى الشغف الذي يتصف به التوجّه نحو اكتساب المعرفة، بما ينعكس كله على مواقفه وآرائه واختياراته المنهجية، وأخيراً مدى وعي العميد بتلك التجربة.

التجربة المعرفية هي حالة وجودية بالأساس تجعل من المعرفة محور نشاط الإنسان وهدفه في الوقت نفسه، ويبدأ الفصل الأول من الكتاب بمحاولة إجلاء مفهوم التجربة المعرفية قدر الممكن، حيث يهدف الكتاب إلى استجلاء مواقف طه حسين من بعض قضايا المعرفة، وهو ما لا ينفصل عن تجربته المعرفية.

يتكون الكتاب من أربعة فصول؛ يستجلي أولها مفهوم التجربة المعرفية، ويحاول بسط ملامحها عن طريق تحليل مقدمة طه حسين لكتاب «مع المتنبي» وخاتمته لهذا الكتاب.

لاحظ بكر أن مفهوم «النفس» عند طه حسين يتمثل ثنائية مصرية قديمة بين مفهومي «الكا» و «البا» أو بين طاقة الحياة الساعية للخلق والإبداع والحركة، وبين طاقة الحياة الراغبة في الاستمتاع والهدوء الاسترخاء، وأن الصراع بين هذين المكونين يمثل جزءاً معرفياً لتجربة حسين المعرفية، كما أنه كان على وعي ساطع بهما وبالصراع بينهما.

يتناول الكتاب الجانب الشفوي الذي ميز عقلية طه حسين؛ بأثر من فقده البصر وتعليمه الأزهري، ما جعله يحتفظ بشخصية شيخ العامود في أدائه العقلي وأسلوب كتابته جميعاً، وهما من أهم جوانب تجربته المعرفية. يعيد هذا الفصل النظر مرة أخرى في قضية الانتحال المشهورة؛ بوصفها تعبيراً عن صراع العقليتين الكتابية والشفاهية عند طه حسين.

يناقش الكتاب مقدمة «مستقبل الثقافة في مصر» في محاولة لتوسيع أفق الرؤية، ليجاوز الموضوع الذي تمت محاصرة الكتاب فيه وهو التعليم؛ إذ حاول هذا الفصل إثبات أن همّ طه حسين كان مناقشة دور الثقافة ككل، في لحظة تاريخية حرجة، وأن التعليم لم يكن سوى مثال تطبيقي رغم احتلاله صفحات الكتاب معظمها.

يضم الكتاب كذلك تحليلاً لفكرة الصوت والصدى التي اقترحها طه حسين لوصف علاقته بأبي العلاء المعري في كتاب «صوت أبي العلاء» وعلاقة هذه الفكرة بتصور حسين عن نفسه وعن تجربته المعرفية، وما يرجوه لمنتجه الفكري في مستقبل السنين بعد انتهاء حياته.

يقول أيمن بكر: «أمضيت وقتاً طويلاً أتفحص هوامش العميد قبل أن أبدأ الكتابة، وأرجو أن يكون لذلك أثر في تجنيب هذا البحث سطحية أخشاها، ومنحه بعض الجدة، لعله يضيف إلى تراث الكتابات المهمة عن عميد الأدب العربي».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5yp45av3

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"