الإمارات وكوريا.. صداقة وتنمية

00:44 صباحا
قراءة 3 دقائق

محمد خليفة

اكتسبت الزيارة التي قام بها رئيس جمهورية كوريا يون سوك يول، إلى دولة الإمارات، الأسبوع الماضي، أهمية كبرى، إذ تُعد دليلاً على قوة العلاقات بين البلدين، إضافة إلى مردودها في الدفع بالعلاقات إلى الأمام في مختلف المجالات. ولعل حجر الزاوية في هذه العلاقات هو التبادل التجاري بين البلدين، بل إنها ترسم لمستقبل أفضل بينهما، حيث إن هذه الزيارة تعد الأولى على المستوى الرئاسي، منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين.

وقد ضم الوفد المرافق للرئيس الكوري، مسؤولي 100 شركة كورية، على رأسهم رؤساء مجموعات الأعمال الكورية الرئيسية، والتقى مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، واشتمل اللقاء على محادثات موسعة، شملت مراسم توقيع الاتفاقيات، وتخللتها محادثات منفردة بين الرئيسين ناقشا خلالها أسس الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

وتمثل جمهورية كوريا قوة اقتصادية كبرى، فهي تعد أحد أهم الأسواق الناشئة، إضافة إلى أنها تحتل المركز الأول في العالم من حيث عدد براءات الاختراعات المقدمة مقابل الدخل المحلي الإجمالي وعدد السكان. وقد أفاد تقرير لمنظمة حقوق براءات الاختراع العالمية صدر مؤخراً تحت عنوان «مؤشرات الملكيات الفكرية في العالم»، بأن جمهورية كوريا تصدرت المركز الأول في العالم حسب عدد براءات الاختراع مقارنة مع حجم الدخل المحلي الإجمالي وحسب عدد السكان، مسجلة 8601، و3091 حالة مقدمة للحصول على حقوق براءات الاقتراع، وبلغ عدد براءات الاختراع المقدمة في العالم خلال السنوات الماضية نحو 3.14 مليون حالة.

ويعكس حجم عدد براءات الاختراع المستوى المتقدم الذي تحتله هذه الدولة في مجال الصناعة، ورغم الوضع السياسي المتفجر في شبه الجزيرة الكورية خاصة مع الجار الشمالي، لكن ذلك لم يكن يوماً سبباً لإعاقة تقدم كوريا، بل إن إبداعها ونجاحها كان دوماً تحت ضغط الخوف من وقوع الحرب مع جارتها الشمالية في كل لحظة.

على الجانب الآخر تمثل دولة الإمارات قوة اقتصادية كبرى في الشرق الأوسط، ورغم أنها دولة ناشئة إلا أنّ لها حضوراً سياسياً كبيراً على مستوى المنطقة العربية والعالم، وقد أصبحت تمثل حالة مميزة من حيث كونها مركزاً تجارياً ومالياً عالمياً يحظى بتقدير مختلف الدول والشعوب. وقد نجحت في إقامة علاقات متطورة ومتوازنة مع مختلف الأطراف الدولية الفاعلة في الشرق والغرب، وقد نالت دولة الإمارات من خلال تلك العلاقات المتوازنة بين الأقطاب العالمية في الغرب والشرق، مصداقية لدى مختلف الأطراف، وبعد أن تعاظم الخلاف بين الدول الرئيسية في الغرب والشرق وبدا ذلك واضحاً من خلال الحرب في أوكرانيا بين روسيا ودول حلف الناتو، والصراع البارد في الشرق بين الصين من جهة، والولايات المتحدة وأستراليا واليابان وبعض الحلفاء الآخرين من جهة أخرى، فإن شبه الجزيرة الكورية باتت اليوم أكثر من أي وقت مضى على صفيح ساخن، فالخلاف المنهجي الكبير بين الكوريتين يجعل من الصعب على هاتين الدولتين أن تتوصلا إلى حل سياسي يعيد الأمن والاستقرار إلى شبه الجزيرة، ومع ارتفاع وتيرة التهديدات المتقابلة بين الدولتين، فإن الدول الموثوقة هي فقط التي تتمكن من رأب الصدع أو على أقل تقدير تقليل المخاوف، وإعادة الحال إلى ما كان عليه، وتبدو دولة الإمارات بحكم علاقاتها المتوازنة والقوية مع مختلف الأطراف الفاعلة، قادرة على لعب أدوار مهمة في هذا الوقت الصعب الذي يحتاج فيه العالم إلى العقلانية، وإلى الدول التي تمثل تيار التعاون ولغة المصالح والتفاهمات.

ومن أجل أن تتبوأ مكانها اللائق بين الأمم لتواصل إسهامها في مسيرة البناء الحضاري الإنساني من أجل إرساء دعائم السلام والأمن والاستقرار في بقاع العالم، بالنظر إلى التقدم الحاصل وعولمة المجتمعات بثوابت اقتصادية وسياسية عالمية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/va5hspbd

عن الكاتب

إعلامي وكاتب إماراتي، يشغل منصب المستشار الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات. نشر عدداً من المؤلفات في القصة والرواية والتاريخ. وكان عضو اللجنة الدائمة للإعلام العربي في جامعة الدول العربية، وعضو المجموعة العربية والشرق أوسطية لعلوم الفضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"