حسرات في موائد الحشرات

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

هل يمكن أن تصل الدعابة إلى حدّ استئذانك في شيء من التقزّز والاشمئزاز؟ لكن إذا كان «لا حياء في الدين» فما أهون القول لا حياء في الغذاء. لا غرابة في تنافر المجتمعات أحياناً في الأذواق. لا أحد يستطيع إصدار القول الفصل فيها، ذوق السمك النّيء في السوشي شيء، والقوزي والمكبوس والحريرة، أشياء أخرى. يغدو البون نجوميّاً إذا شطحت في المقارنة بأذواق الشرق الأقصى: العقارب، النمل، الصراصير، الديدان، دم الأفاعي.

يبدو أن في الكواليس الأوروبية أزمة بروتينات حادة، كائنة أو ستكون، وإلاّ فما بال السيدة أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية، تعلن الموافقة على حرية استخدام مسحوق الحشرات في أغذية الآدميين في القارة العجوز؟ هل هذا دليل على إصابة خرف حضاري؟ أم تُراه استشراف فيه إعادة تأهيل الذوق الأوروبي حتى يتكيف مع ما قد ينشره الشرق الأقصى من عادات غذائية غريبة في العالم؟ من يدريك؟ فقد تغدو الوجبات السريعة بيتزات بتنويعات حشرية لا حصر لها، همبرجرات بالجراد، بالصراصير، بالديدان. ليس من قبيل الإنشاء القول لا حصر لها، فالمفوضية الأوروبية أعدّت قائمة بها 1900 نوع من الحشرات، موسوعة لن يستطيع أيّ مطعم أن يحشر كل هذه الحشرات في ثلاجاته أو مستودعه. سخاء حاتمي أن يجود بباقة منها، ولو حوى كل أصنافها لبزّ الكثير من متاحف التاريخ الطبيعي في العالم. لا شك في أن المفوضية الأوروبية أبلت أحسن البلاء في هذا البلاء، فلم تدعْ في بحوثها العلمية حشرة شاردة أو واردة، ممّا يطير أو ينط أو يزحف أو يمشي على اثنتين أو أربع أو 44، أو ربما: «يمشي على ثلاثة.. كمشية العرنجلِ»، في«صوت صفير البلبلِ».

لا غرابة في ذلك البتة، فالسيدة أورسولا هي نفسها طبيبة عالمة بالتشريح، والألمان ماكرون في السخرية، يتلاعبون بلقبها، وهو في الحقيقة لقب زوجها فون دير لاين، ينطقون اسمها: أورسولا فون دير ليشن، أي أورسولا الجثث، سامحهم الله. لا علينا، فالمهم الآن هو أين المفرّ من هذا الحصار الحشري؟ اقرأوا المكونات على العلب والقوارير، فلا أمان لأيّ مادة غذائية. حتى الحيوانات والطيور صاروا يضيفون إلى تغذيتها مساحيق الحشرات. سلام عليك يا زمان وصل الشوكولاتة والبسكويتات السويسرية.

لزوم ما يلزم: النتيجة المكريّة: أحد الساخرين الماكرين روى أن شركة إنتاج فني أعدّت ريميكس لأغنية أيظن، جاء فيها: «حتى دُوَيْداتي التي أهملتها.. فرحت به رقصت على شفتيه».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/phaa35xx

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"