عادي

التشابك الكمي

21:43 مساء
قراءة دقيقتين
رؤى وأفكار
رؤى وأفكار

من المعروف في ميكانيكا الكم أن الجسيمات من النوع نفسه يُمكن أن تتشابك معاً؛ إذ يعني التشابك الكمي بين جسمين أن معرفة معلومةٍ ما عن الجسيم الأول تُعطي معلومةً عن الجسيم الآخر، أو تُحسِّن معرفتنا به.

فمثلًا، إذا كان الجسيم الأول يدور حول نفسه بشكلٍ ما، فإن الجسيم المُتشابك يدور معه بشكل مُعاكس، لكن في النوع المعروف من التشابك، يجب أن يكون الجسيمان من النوع نفسه.

لكن، وفق بحث جديد نشرته دورية «ساينس أدفانس»، فقد اكتشف باحثون من مختبر بروكهافن الوطني الأمريكي التابع لوزارة الطاقة الأمريكية، نوعاً جديداً من التشابُك الكمي يُمكن أن يحدث بين جسيمين من نوعين مختلفين.

ويقول دانيال براندنبورج، الفيزيائي السابق في مختبر بروكهافن، والمؤلف المشارك لتلك الدراسة: «يُمكن اكتشاف تلك الظاهرة من رؤية ما في داخل أنوية الذرات بتقنية شبيهة بالطريقة التي يستخدم بها الأطباء التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني؛ لمعرفة ما يحدث داخل الدماغ وأجزاء أخرى من الجسم».

وفي التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني، يُحقن المريض بمادة مُشعة داخل الدورة الدموية، وحين تسري تلك المادة في الدماء يبدأ الأطباء في وضع المريض تحت جهاز الأشعة لتصوير مدى تشبّع أنسجة الجسم بتلك المادة، وتكشف حالة التشبّع تلك عن حالة النسيج الحي ونوعه وما إذا كان سرطانيّاً أو لا.

إن اكتشاف النوع الجديد من التشابُك الكمي سيتيح للعلماء رؤية ما بداخل نواة الذرة بطريقة شبيهة بطريقة التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني؛ إذ ستكون الجسيمات المتشابكة معًا بمنزلة المادة المشعة في تقنية التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني، في حين ستكون نواة الذرة بمنزلة جسد المريض.

واستخدم الفيزيائيون مصادم الجسيمات في مختبر بروكهافن للكشف عن ذلك النوع الجديد من التشابك، ومصادم الجسيمات هو جهاز يُجري فيه الباحثون تسريعاً للجسيمات ثم يصدمون بعضها ببعض لتتفتت الجسيمات إلى مكونات أصغر، وقد أجرى الباحثون تلك التجربة باستخدام فوتونات الضوء التي تحيط بأيونات الذهب في أثناء التسريع في المصادم.

ويقول براندنبورج، إن تلك الطريقة تُسهم في حل العديد من المسائل الغامضة حول نظرية الكم، والتي لا يُمكن حلها باستخدام التقنيات الحسابية والحاسوبية الحالية، ولا يزال هناك العديد من الألغاز حول كيفية حصول المادة اليومية على خصائصها مثل كتلتها الإجمالية أو الدوران الكمي.

وتتيح هذه التقنية الجديدة رؤية توزيع القوة داخل البروتونات وفي الذرات، مما يساعدنا على فهم كيفية تكوين البروتونات والنيوترونات للذرات، ولماذا تكون بعض التكوينات مستقرةً وبعضها الآخر غير مستقر، والبروتونات هي جسيمات موجبة الشحنة توجد داخل النواة، أما النيوترونات فهي جسيمات متعادلة الشحنة توجد أيضاً داخل أنوية الذرة، ويمكن أن يساعد فهم القوة النووية على هذه المقاييس الصغيرة في فهمنا للأشكال الفيزيائية الفلكية للمادة، مثل النجوم النيوترونية، وهي أشكال مادة كثيفة للغاية ومثيرة للاهتمام.

وكان الهدف من تلك التجربة تمكين الفيزيائيين من دراسة اللبنات الأساسية للمادة النووية، والمعروفة باسم الكواركات والغلوونات، والتي تشكِّل البروتونات والنيوترونات.

(سيانتفيك أمريكان)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ucu25n7p

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"