عادي

عذب الكلام

00:09 صباحا
قراءة 3 دقائق

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أم اللغات

التّوهيم في البلاغة: أنْ تجيءَ كلمةٌ توهمُ لأخرى، كقولِ المتنبّي:

فإنَّ الفِيامَ الذي حَوْلهُ

لَتَحْسُدُ أرْجُلَها الأَرْؤسُ

قوله «الأَرْؤسُ» يوهم أنها «القِيام» بالقاف، وإنما هي بالفاء؛ و«الفِيام»: الجماعات.

وكذلك قوله:

صُنّا قوائمَها عَنْهمْ فَما وَقَعَتْ

مواقعَ اللُّؤْمِ في الأيْدي ولا الكَزَمِ

فقوله «الكزم»، يوهم أنّه الكَرَم بالرّاء، وإنما هو بالزّاي، وهو قِصَرُ الأصابع.

وللشريف الرضي:

إذا هَتمَ التّلاعَ رأيْتَ مِنْهُ

رِضاباً في ثَنِيّاتِ الهِضابِ

فقوله «الرّضاب» يوهم بثنيّات الأسنان، وإنما هي ثنيّات الجبال.

دُرر النَّظم والنَّثر

من نثر شوقي في كتابه «أسْوَاقُ الذَّهَبِ»:

«الروّحُ اللطيفةُ تَسْتشفُّ، والنَّفْسُ الشريفةُ تستَشرف، والضميرُ النقيّ مرآةٌ، لو التمس فيها المرءُ وجه الغَيْب لرآه.

رُبَّ قارضٍ للأعراض، وعِرْضُهُ بين شِقَّيْ المِقْراض. الحِكْمة قِوامُ الخيرِ الخاص، ودِعامةُ الخيرِ العام. البَصائرُ كالأبْصار: إذا توجَّهتْ في وجْهٍ، ثُمّ لم تتحوّل عنه، رَجَعَتْ حَوْلَى. أكثرُ الفضائلِ اصْطِلاح، وجَوْهرُها كلُّها الصَّلاح. الذليلُ بغيرِ قَيْد متقيِّد، كالكلبِ لَوْ لم يُسَدْ بَحَثَ عَنْ سيِّد. تَحْسُنُ المرأةُ نصفَ عَليمةٍ، ويَقبُحُ الرّجل نصفَ جاهلٍ.

مَنْ أثْرى أو ساد، فلا يَعُدَّنَّ الحُسَّاد. إذَا خَدعَ الطبيبُ المريضَ أعانَ الدّواء، وإذا خدعَ المريضُ الطبيبَ أعانَ الدّاء. يَهْدمُ الصّدرُ الضّيق، ما يَبْني العقلُ الواسع. العاقلُ مَنْ ذكرَ الموتَ ولَمْ يَنسَ الحياة. يَسْتأذنُ الموتُ على العاقل، ويَدفعُ البابَ على الغافل. الغلطُ إذا أُدرك تبدَّد، وإذا تُرك تعدَّد. كُلُّ غائب يُسْلَى، إلّا غائبُ الثَّكْلى. قَلَّما طارَ اسمُ الشاعر في حياته، فَوَقَعَ بَعْدَ ممَاته. أكثرُ الشعراء هتافاً بشعره، أقلُّهم راوية.

من أسرار العربية

في الْمَحَاسِنِ والمَمَادِحِ: الطَيِّبَ النَّفْسِ الضَّحُوك: فَكِهٌ. السَهْلُ اللَيِّن: دَهْثَمٌ.‏الوَاسِعَ الخُلُقِ: قَلمَّسٌ‏. ‏الكَرِيمَ الطَّرَفَيْنِ: مُعَمٌّ مُخْوَلٌ.‏ الحَرِكُ الظَّرِيفُ المُتَوَقِّد: زَوْلٌ‏.‏ الحَاذِقُ الجَيِّدُ الصَّنْعَةِ: عَبْقَرِيٌّ‏.

في تَفْصِيلِ التَّهيّؤ لأفْعال وأحْوَال مُخْتَلِفَةٍ: تأتَّى الرَّجُلُ: تَهَيَّأَ لِلقِيَام. تَمَاثَلَ المَرِيضُ: تَهَيَّأَ للشِّفاءِ. أَجْهَشَ الصَّبيُّ: تَهَيَّأَ للبُكَاءِ. دَفَّ الطَّائِرُ: تَهَيَّأَ للطَّيَرَانِ. اسْتَدَفَ الأمْر: تَهَيَّأَ للانْتِظَامِ. تَلَبَّبَ الرّجلُ: تَهَيَّأَ للعَدُوِّ. تَخَيَّلَتِ السَّمَاءُ: تَهَيَّأَتْ للمَطَرِ. أبَّ يَؤُبُّ أَبّاً: تَهَيَّأَ للمَسِيرِ؛ قال الأعْشى:

حَرَمْتُ ولَمْ أَحْرِمْكُمُ وكَصَارِم

أَخٌ قَدْ طَوَى كَشْحَاً وَأَبَّ لِيَذْهَبا

هفوة وتصويب

يستخدم بعضُهم تسميةَ «هاتفٌ خُلْيويٌّ» للهاتفِ النقّال. وهي خطأ، والصّوابُ: «هاتفٌ خَلَوِيّ». نسبة إلى خَلِيّة. ففي النُّسبْةُ إلى ما خُتِم بتاء التأنيث، تُحذفُ وجوباً. فتقول في «مَكَّة»: مكِّي. وفي «الشارقة» شارقيّ.

وفي ما خُتم بياء مُشَدَّدة مسبوقة بحرفين، مثل: عَدِيّ، نَبِيّ، خليّة، أُميّة، تُحذف الياءُ الأولى ويُفتحُ ما قبلها وتُقْلَبُ الثانيةُ واواً، فتقول: عَدَوِيّ، نَبَوِيّ، خَلَوِيّ، أُمَوِيّ.

وتردُ كثيراً عبارة «وقدْ لَعبَ دوراً في شأنِ كذا..»، بمعنى فِعْلِهِ لأمرٍ ما، وهي خطأ، والصّوابُ «أدّى دوراً». لأنّ اللّعبَ، ضدُّ الجِدّ، ويُقال لكلّ مَنْ عَمِلَ عَملاً لا يُجْدي: إِنما أَنتَ لاعِبٌ. واللُّعْبَةُ: التِّمْثالُ، وما يُلْعَبُ به.

قال امرؤ القيس:

تَلَعَّبَ باعِثٌ بذِمَّةِ خالدٍ

وأَوْدى عِصامٌ في الخُطوبِ الأَوائل

من حكم العرب

أَيُّهَذا الشّاكي وما بِكَ داءٌ

كَيْفَ تَغْدو إِذا غَدَوْتَ عَليلا

وتَرى الشَّوْكَ في الوُرودِ وتَعْمى

أَنْ تَرى فَوْقَها النَّدى إِكْليلا

البيتان لإيليّا أبي ماضي، يؤكد فيهما ضرورة النظرة المتفائلة إلى الحياة، ونبذ الشؤم والسلبية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2xzyeahs

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"