أية «حارة» تلك في الأردن؟

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

بعض أفراد طاقم فيلم «الحارة» الأردني من الممثلين والممثلات متزوّجون ولديهم أطفال.. أبناء وبنات، وحين يدخل فيلم من هذا النوع إلى هذه البيوت، بيوت الفنانين أنفسهم، فلا أدري أيّ عرق يمكن أن يتصبّب من وجوههم خجلاً، إذا كان هناك خجل؟، وإذا لم يكن الفنان متزوّجاً وليس لديه أطفال، وتتفرّج عائلته على هذه الجرأة بكاملها، فإن لديه أمّاً أو أباً كهلاً، وأحسب أن بعض أهالي هؤلاء الشباب والشابات في هذا الفيلم الصادم للتربية الأردنية هم فلّاحون أو من أرياف مستورة الناس فيها تسَدّ الباب على العيبة، ويقول أحدهم إلى الآخر إذا ارتكب فاحشة.. يا عيب الشوم.. ما سَوّاها لا خالك ولا عمّك قبلك..
الفن أن تكون حييّاً أي فيك عِرْق حياء. والحياء ثقافة، أما الإنسان الذي يجري على حلّ كل ما فيه من ثقافة بشرية، فهو لا يخلق فناً. ليس الفن السينمائي تحديداً الذي عرفناه في تجارب فيلمية عظيمة في العالم روائية، ووثائقية، وتاريخية، قابلاً للهبوط بالإنسان إلى الدرك الأسفل من اللغة الشوارعية الرصيفية، وليس الفن هو محاكاة للزعرنة والسوقية والايروتيكية الفجّة الكاشفة عن مرضية مزمنة في الجسد والروح..
وحتى في أكثر التجارب السينمائية (انحطاطاً) في العالم، لا يسمح «مخرج بني آدم» لنفسه بأن يبتذل الممثل والمشاهد إلى الدرجة البهيمية في فيلم (الحارة)..
ثم أية حارة أردنية تلك فيها كل هذا الوسخ والعطن؟؟.. على حدّ معرفتي بالشعب الأردني أنه من أنظف شعوب الوطن العربي، الناس متديّنون بالفطرة، وبالفطرة كرماء وأخلاقيون ولا يعمل أحدهم العيب والعيبة. الواحد منهم أي من الأردنيين يردّه أصله وشرفه وتكوينه الاجتماعي عن العيب والعيبة. إذا سمحنا لأنفسنا بإطلاق صفة فيلم على (الحارة) فهو محمّل بشتائم الشارع، ولغة الرصيف السوقية الدونية. هكذا حَدّد الفيلم ثقافة فئة مجتمعية أردنية من خلال اللسان الشعبي الشتائمي بين أفرادها، غير أن هذا التحديد لا ينسحب على المجتمع الأردني، المثقف، المتعلّم المعروف بمهنية التعليم الجامعي فيه، والمعروف بمؤسساته الثقافية والصحفية الحرفية، وفي ضوء هذا التوصيف تبدو لغة الفيلم الشتائمية الرخيصة ناتنة شوكية في الشخصية الأردنية.
على حدّ علمي لا يوجد في الأردن عشوائيات تسمح بوجود حانات في داخل هذه العشوائيات، سواءً أكانت في المخيمات أو غيرها، فمن الممنوع كلياً قانونياً واجتماعياً وجود مطعم أو بقالية أو دكان يبيع المشروبات المحرّمة. في قلب العاصمة عمان فقط يقول الأردنيون إنهم يمرّون من أمام دكاكين من هذا النوع.
ما هكذا نصنع سينما في الأردن. رحمك الله يا حسان أبو غنيمة؟ كان عصبياً، وحادّاً إلى درجة الشراسة وهو يحذر قبل أكثر من 30 عاماً من الطفيليات التي تكبر وتكبر، فتظن أنها شجرة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y4ddwmew

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"