احسب الثمن ثم ادفعه

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

هناك قلة ممن يحققون نجاحات في مجالات العمل، يعانون من تقصير في جوانب أخرى، حيث تكون إنجازاتهم على حساب جوانب مثل وقت العائلة، أو الراحة الجسدية والنفسية، أو الإجازات. إنهم يعطون العمل جهداً كبيراً إلى درجة لا يمكنهم معها تغطية جميع الجوانب المهمة الأخرى في حياتهم. وفقاً لبحث تم نشره في مجلة هارفارد للإدارة، تمت دراسة حياة أكثر من 2000 مدير، لمدة خمس سنوات، وكان أحد الاستنتاجات أنه «عندما يشعر المسؤول بالقلق، أو التوتر، أو الخوف، أو الشك بشكل مكثف، فإنه يصبح غير قادر على تغيير هذه المشاعر عندما يعود إلى المنزل، وهذا يجعله غير متاح نفسياً لحياة شخصية حيوية. المدير غير السعيد في عمله لديه فرصة محدودة للسعادة في المنزل، بغض النظر عن قلة سفره، أو مقدار الوقت الذي يقضيه في المنزل، أو عدد المرات التي يقضي فيها إجازة»، أي أن الحياة الشخصية مرتبطة بشكل وثيق بالنجاح في الحياة العملية، وهذا قد يكون منطقياً إلى حد ما.
من الصعب أحياناً الفصل تماماً بين المشاعر الناتجة عن ظروف العمل والحياة الشخصية، لكن هل يعدّ هذا سبباً كافياً لجعل الحياة الشخصية في تدهور؟ أشار البحث أيضاً إلى وجود نسبة من التوازن لدى بعض المديرين وفي وصف الفرق بين المجموعتين من المديرين أقتبس التالي: «المديرون التنفيذيون الذين تتدهور حياتهم الخاصة يتعرضون للآثار السلبية لما نسميه الامتداد العاطفي؛ ينتج عن العمل باستمرار مشاعر سلبية تتغلغل في الحياة الخاصة. في المقابل، تعلمت المجموعة الأخرى إدارة عملهم ومهنهم بحيث يتم تقليل التداعيات العاطفية السلبية إلى الحد الأدنى، وبالتالي يحققون التوازن بين حياتهم المهنية والخاصة». 
الموازنة بين إدارة العمل، وإدارة الحياة الشخصية، تتطلب قدراً من التعلم والإدراك في أهمية هذا الشأن. المدير الناجح لأعماله، ليس بالضرورة، مديراً ناجحاً لحياته، من الوارد أن يفشل بعضهم في حياته الشخصية، يقول عالم الاقتصاد الأمريكي سكوت آدامز: «إذا كنت تريد النجاح، فاحسب السعر، ثم ادفعه».
 هناك قيمة بلا شك مقابل النجاح، لكن يجب أن ندرسها في كل مرة، وأن نتحقق بأن ما سنحصل عليه أفضل مما سنخسره، هذا سيجعلك على الأغلب تعيد التفكير بعاداتك الصحية وعلاقاتك مع العائلة، وحياتك الشخصية، بشكل عام، وأن تحاول الموازنة. ستكون تكلفة النجاح باهظة أحياناً، لكن النجاح الذي يتطلب خسارة الكثير من الأساسيات في حياتك، في الحقيقة لا يعدّ نجاحاً.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p9csdyc

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"