عادي
عبدالله عمران.. 9 سنوات على الرحيل

عبدالله عمران.. قامة وطنية وفكرية متفردة

00:58 صباحا
قراءة 4 دقائق
  • أسهم وشقيقه تريم في تأسيس الاتحاد
  • تميّز بالتواضع ورقيّ التعامل
  • تولّى حقيبتي «العدل» و«التربية»
  • طوّر المنظومة القانونية بكفاءة

ملف أعدته: جيهان شعيب

منذ تسع سنوات، فُجع الوسط الإعلامي في الدولة، بخبر وفاة رجل الصحافة والسياسة والثقافة، القومي العروبي الدكتور عبدالله عمران تريم، الذي وافته المنية يوم 30 يناير/ كانون الأول عام 2014، فجأة، ولم يكن يعاني مرضاً عضالاً، أو حتى بوادر إرهاق، وانتكاسة إعياء، حيث استيقظ الجميع يومذاك على النّبأ المؤلم، الذي لا تزال مرارته تعلق بحلوق أصدقائه، وأحبّائه، وتلاميذه، ومعارفه، الأقارب منهم والأباعد، ولايزال الحنين إليه قائماً في القلوب، وصورته لا تفارق الأعين، وذكراه تسكن العقول.

1

ورغم طول سنوات الغياب التي مرت على انتقال الراحل إلى الرفيق الأعلى، فصفاته ستبقى توثق الحب الكبير الذي حمله له الجميع، لتواضعه الجمّ، وطيب نفسه، ودماثة أخلاقه، ورقيّ تعامله، ورحابة صدره، وعطائه الذي كان ينساب من دون انقطاع، وكان يساند به كل من يجده في حاجة، ليست مادية فقط، بل معنوية أيضاً، سواء بنصيحة واجبة، أو توجيه مناسب، أو معلومة وتعليم.

وبتتبع التكوين النفسي الذي كان عليه الفقيد، مع شقيقه الراحل تريم عمران تريم، نجد أنهما كانا وطنّيين إلى حد الذوبان في الارتباط بأرض الدولة، وأسهما معاً في تأسيس اتحادها. كما كانا من الرموز القومية العربية، ويشهد لهما دورهما على الساحتين، الخليجية والعربية، وكانا معاً من روّاد الفكر، والثقافة، والإعلام، حيث أسّسا جريدة «الخليج» عام 1970، وقاما عبرها بدور خالد في مكافحة الاحتلال الإنجليزي، ونفوذ شاه إيران، وقتذاك في الخليج، وقادا بتميّز لافت مسيرة مؤسسة «دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر». وعقب وفاة تريم عمران في 16 مايو/ أيار 2002، تولّى الدكتور عبدالله عمران، رئاسة مجلس إدارتها.

1

تأسيس الاتحاد

ولا يمكن أن ينسى التاريخ دور عبدالله وتريم عمران، رحمهما الله، في جميع مراحل تأسيس الإمارات، حيث كانا ضمن الوفد الرسمي لإمارة الشارقة في المفاوضات التي سبقت الاتحاد السباعي، وطالبا حينها بتوحيد إمارات الخليج التسع، عقب خروج الاحتلال البريطاني، مطلع سبعينات القرن الماضي.

ومن ثم، وحين ظهرت صعوبة قيام الاتحاد التساعي، كانا في مقدمة المنادين بإقامة الاتحاد السباعي، الذي هو اليوم دولة الإمارات، وقال تريم عمران حينذاك «عندما شعرنا بأنه لن يتفق على اتحاد تساعي، طلبنا أن يضم الاتحاد الإمارات السبع، وقلنا فليكن سباعياً، لأن المنطق والواقع يشيران إلى أن إمارات المنطقة كلها بيوت متجاورة».

مسيرة حافلة

بالعودة للبداية، نجد أن الدكتور عبدالله عمران تريم، ولد في إمارة الشارقة عام 1948، وتلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في مدارس الشارقة والكويت، وأكمل تعليمه الجامعي في مصر، حيث حصل على ليسانس في التاريخ من كلية الآداب في جامعة القاهرة، وحصل على شهادة الدكتوراه في تاريخ قيام دولة الإمارات العربية المتحدة من جامعة إكستر البريطانية عام 1986.

ومن ثم، وقبل قيام اتحاد الدولة، عمل الراحل لمدة عامين مدرّساً في ثانوية العروبة، بمدينة الشارقة، ثم مديراً لإدارة معارف الشارقة، من 1968 إلى1971. وشارك في عضوية فريق المفاوضات التساعية والسباعية لإقامة دولة الاتحاد، ثم وزيراً للعدل في أول حكومة اتحادية، 1971- 1972، ثم عاد بين الأعوام (1990 -1997) ليشغل حقيبة وزارة العدل.

الصورة

وزارة العدل

وبتذكّر بعض تفاصيل المرحلة التي تولّى فيها الراحل عبدالله عمران، حقيبة وزارة العدل، نجد عمله الدؤوب على النهوض بالمنظومة القانونية والتشريعية، حيث سعى في تيسير وتطوير، والنهوض بإجراءات التقاضي، وعمل ضمن فريقه الوزاري على صياغة كثير من التشريعات، ذات الأثر الكبير في تقويم البنية التشريعية للدولة في مختلف المجالات القانونية. كما عمل على كسب ثقة أبناء الدولة بالقضاء بشكل عام، وتكريس أهمية الاتحاد، وقيام دولة ذات كيان قوي، قادر على مواجهة المعضلات بأنواعها، ولم يتوانَ عقب انتهاء عمله في وزارة العدل، عن تقديم النصيحة والمشورة الواعية، المرتكزة على علم وخبرة، في القضاء العادل، لدعم أركانه، وتعزيز دوره، وتكريس استقلاليته.

وزارة التربية

وحين تولّى منصب وزير التربية والتعليم، من 1972 إلى 1979، كان له دور مشهود في الاهتمام بتعليم النشء الجديد، وتعليم الكبار، مترجماً في ذلك توجيهات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي كلفه تأسيس جامعة الإمارات؛ وكان أول رئيس أعلى للجامعة. كما عمل مستشاراً للشيخ زايد، فيما عمل بشكل عام، على تطوير المناهج الدراسية، وتعزيز الهوية الوطنية عبرها، وتكريس تاريخ المؤسسين الأوائل وتراث الإمارات، والسعي لمحو الأمية وتعليم الكبار، ومحاربة الدروس الخصوصية، وتبنّى الكثير من القضايا التعليمية.

1
في مؤتمر«الخليج» السنوي

علاقة فريدة

وبالنظر في العلاقة الفريدة التي كانت تجمع الشقيقين عبدالله وتريم عمران، نجد أنها لم تكن أخوّة كالمعتاد، وإنما تخطت ذلك للترابط الوثيق بينهما، والتوحد في الرؤى والآراء، والودّ العميق غير القابل لأي انفصام، أو حتى فتور لحظي، وجاءت في ذلك كلمات الراحل عبدالله عمران، عن شقيقه تريم: «تريم بالنسبة إليّ لم يكن أخاً عادياً، وإنما كان الصديق، والأب، والمعلم، والقدوة، منّت عليّ الحياة بأن أكون بجواره طوال عمره، والأخوّة هِبة وفضل من الله، وأخوّة تريم خير هِبة، وخير فضل، في ذكراك يا تريم.. تحضرني خواطر سيّالة، وتتملّكني مشاعر كثيرة، أتذكرك أيام الطفولة والصبا، حين كنا نملك الدنيا في ظل فخرنا بوطننا، وبأمتنا العربية، التي كنا نراها نسمعها نعايشها، في أحاديثنا، في داخل بيوتنا، وفي نداء العروبة من خارج حدودنا».

1
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/7v2ex38w

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"