عادي
9 سنوات على الرحيل

كلمات عبدالله عمران.. نبض القلب وعصارة الفكر

01:09 صباحا
قراءة 4 دقائق
  • زايد الرائد في زمن عز فيه الرواد والحكيم في عصر غابت عنه الحكمة

كلمات الراحل الدكتور عبدالله عمران تريم، التي تضمنتها مقالاته، جاءت من نبض قلبه الصادق، وعصارة فكره الواعي، ولم يكن للمبالغة، والمغالاة مكان فيها، فالصدقية التامة غلفت عباراته، وتصدّرت آراءه، وشكلت رؤاه، وكان متسلحاً بالموضوعية، والمنطقية، والحكمة في كل كلمة خطها قلمه، معبّراً عمّا يعتمل في صدره، ويجول في عقله.

«كلمتنا.. وعيدنا الوطني»

في عام 1980 وعن الاتحاد، قال الراحل في مقال بعنوان «كلمتنا.. وعيدنا الوطني»: الثاني من ديسمبر عام 1971 تعبير حقيقي عن ضمير المواطن من جهة، وتأكيد عروبة هذه المنطقة من جهة ثانية.

لذلك فإن التجربة الاتحادية التي مرت تسع سنوات على قيامها، هي انتصار للعرب في كل مكان، لأنها لم تهدف لزيادة الكيانات العربية بعضو جديد في الجامعة العربية، بقدر ما أراد فيها شعبنا أن يدافع عن وجوده القومي، وشخصيته الثقافية، وامتداده التاريخي والحضري، في أوضاع عربية يتم فيها تآمر متصل على الوحدة العربية، والأهداف القومية، وضمن أوضاع دولية تتحكم فيها القوة، والقوى المعادية.

«السياسة الإعلامية واقع الصحافة المحلية»

دعا الراحل عبد الله عمران، عام 1986 لتنظيم الصحافة، وإرساء سياسة شاملة لها تنبع من الواقع والاحتياجات، في مقال بعنوان «السياسة الإعلامية واقع الصحافة المحلية»، قائلاً: الصحافة نشاط رئيسي ومهم في حياتنا، وعليها مهمات جليلة، والصحف الخاصة، صحف وطنية، هدفها الرئيسي أداء رسالتها، والمشاركة في خدمة الوطن وإنسانه، وتطمح إلى توفير ظروف تمكّنها من القيام بدورها على أحسن ما يمكن، وضمن نصوص الدستور، واحتياجات واقع وطننا، وضمن نصوص القانون، على أن توفر ظروف الحيدة في تطبيقه، والصحافة الخاصة الراسخة القوية، هي ملح الديمقراطية، والمظهر الأبرز للحريات العامة، وأحد عناصر قياس تقدم الدول، واستقرارها، ونزوعها نحو المستقبل.

«تذكير دستوري»

في مطالبة بتنظيمات دستورية في الدولة، تتكامل مع الدستور الاتحادي، قال الراحل عبدالله عمران، في مقاله «تذكير دستوري» عام 1986: قوة الاتحاد، وفاعليته، ودوره في حياة وطننا، ومواطننا، تتحدد بمقدار ما يكون الدستور المعمول به ملائماً لواقع احتياجات الوطن، وطموحات المواطن.

وبمقدار ما يكون قادراً على استيعاب شتى المتغيرات، التي حدثت في وطننا خلال السنوات الماضية، وتقديم الإجابة المناسبة لحقيقتنا التاريخية، والمستقبلية، بأننا شعب واحد في ماضيه، وحاضره، ومستقبله.

فالدستور أساس وجود الدولة الاتحادية، والأساس الذي يحكم علاقة هذه الدولة بمكوناتها - الإمارات. ولكي تكون هذه العلاقة منظمة، وواضحة، لا بدّ من وجود تنظيمات دستورية في الإمارات، تتكامل مع الدستور، وتعترف له باختصاصاته وصلاحياته، وتبيّن كيفية ممارستها.

«نبكيك يا زايد»

في رثاء الأب المؤسس المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، توالت كلمات مبكية من الراحل عبدالله عمران عام 2004، في مقاله «نبكيك يا زايد»، وفيها قال: نبكيك يا زايد كأحرّ ما يكون الدمع، وبكلمات تفوق قدرتنا على التحمّل، فأنت الرائد في زمن عز فيه الرواد، وأنت الحكيم في عصر غابت عنه الحكمة، وأنت الطيب، صاحب الكلم الطيب، في أوقات قلت فيها الطيبة، والكلمة الصادقة الجريئة، التي لا تخشى في الحق لومة لائم.

غبت عنا أيّها الكبير الغالي، بعد ما بنيت إمارات شامخة الرأس، عالية الجبين، وأرسيت مدرسة في السياسة، والحكمة، وتدبير الحكم، والنهوض بالأمة.

تغيب عنا يا زايد، فنفقد معك بضعة من أنفسنا، ومن سنوات عمرنا، ولا يدري سوى الله، لوعة الحزن الذي نعاني، فأنت كنت الملاذ حينما تشتد العواصف، وكنت الصدر الحنون حينما يفلت الحزن، ويعلو اليأس، وتدلهم الدنيا بالسواد.

«في وداع الشيخ مكتوم»

بعبارات مؤثرة، نعى الراحل الدكتور عبدالله عمران المغفور له الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، رحمه الله، عام 2006، قائلاً: اليوم يخفق قلب الوطن العزيز، مثلما يخفق كلّما ودّع أحد أعلامه وقادته، وانتقل من يحبهم من دار الفناء إلى دار البقاء.

وما أعظم ما تركه الراحل الكبير في ذاكرة أهل ديرته، وشعب الإمارات، وأبناء منطقة الخليج، من بصمات خيرة، وعطاء وطيب، وحرص أكيد على بناء دولة الاتحاد، لبنة لبنة، وبناء مؤسساتها، وقيادة حكوماتها المتعاقبة طوال العقود الثلاثة الماضية.

ما أعظم الخير الذي خلّفه الراحل الكبير، على صعيد تقديم إمارة دبي، واحة حرية وجذب رحب، وورشة بناء متواصل، وقاطرة أساسية في حركة، وبنية الاتحاد وعافيته.

«37 شمعة للوطن»

عام 2007، خطّ الراحل عبدالله عمران، مقالاً بعنوان «37 شمعة للوطن» تحدث فيه عن دور صحيفة «الخليج» على مدار 37 عاماً من عمرها، في تناول قضايا الوحدة، والتحرر في الوطن العربي، والعدالة والتنمية الحقيقية، وحق الإنسان في العمل والحياة والعيش الرغيد، وغير ذلك، ومما قاله «ها هي «الخليج» اليوم في سياق متصل مع قارئها، ومع شجونه وواقعه وطموحاته، تسعى دوماً لخدمته، ولتكون لائقة به، لا تفسد ذائقته ولا تسوقه إلى الوراء، ولا تخاطبه بنصف لسان، ولا تقدم له الكسل الذهني الذي لا يصمد أمام الواقع. بعد سبع وثلاثين سنة من العطاء المتصل، ها هي «الخليج» لا جدول ضرب لها سوى أجندة القارئ، وأجندة هذا الوطن، من غير اختزال، ولا خفة، أو استخفاف.

«الدبلوماسية العربية في عالم متغير» حين إعلان الراحل عبدالله عمران، تأسيس «مؤسسة تريم عمران للأعمال الثقافية والإنسانية»، - تحولت لاحقاً إلى «مؤسسة تريم وعبدالله عمران للأعمال الثقافية والإنسانية»- في المؤتمر السنوي الثالث ل«الخليج» عام 2003، وفي كلمة بعنوان «الدبلوماسية العربية في عالم متغير»، قال: إننا بهذه الخطوة، لا نفي إلا بالقليل، من حق عميد هذه الدار ومؤسسها علينا، وسنواصل، بإذن الله، مشواره حتى آخر مدى، ولن نرمي قلمنا، وستظل «الخليج» الدار في الاحتياطي الاستراتيجي لهذه الأمة.

تقرع الأجراس قبل حدوث الحرائق، تقرأ الأحداث برؤية استشرافية، وتملك جرأة المراجعة، وتستوحي روح المجموع، وتدرك الحسّ الشعبي، وهو حسّ ينطوي دوماً على عناصر التصويب في المدى الطويل. تريم الغالي.. حياتك كلها معان نبيلة، سيرتك نفحات طيبة، رسالتك أمانة في عنقي، هدفك نصب عينيّ، شخصك العظيم مثال أتمثله في حياتي، ديني لك يطوقني بالمحبة، يا خير أخ.. يا أعظم أخ، رحمك الله، رحمك الله ألف مرة.

الصورة
1
الصورة
1
الصورة
1

 

الصورة
1

 

الصورة
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/8cp7de59

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"