ألف ليلة وليلة

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

منذ أواخر عام 2019، وحتى هذه اللحظة، عاش العالم نحو ألف ليلة وليلة من ليالي «كورونا» بما صاحبها من فقد أفراد من كل الأعمار، من كل جنس وجنسية، ومن كل شكل ولون، ومن كل قرية ومدينة ودولة.. ترمّل فيها من ترمّل، وتيتّم فيها من تيتّم.. ورغم تعدد الأسباب، إلا أن الموت واحد، لا يحدّه حد، ولا يوقف قطاره أحد.. فكل نفس ذائقة الموت، عاجلاً أم آجلاً، (إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلْأَرْحَامِ  وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
نعم، فكل نفس ذائقة الموت، إنها سنّة الله سبحانه وتعالى في خلقه، من إنس وجن وسائر المخلوقات الحيوانية والنباتية بكافة أنواعها وبيئاتها وتصنيفاتها؛ إلا أنه كلما مات شخص ما، في عصرنا الحالي، يتبادر إلى الذهن بأن سبب هذا الموت مردّه «كورونا» بما تحمله هذه المفردة من معاني الرعب المتغلغل في النفوس.
ألف ليلة وليلة، فيها ما فيها من أحداث وأحاديث، وحكايات وحياكات، وتحديات، دفعت بعض الدول وشعوبها إلى التصدي للجائحة بما حباها الله من فكر وإصرار وعزيمة لهزيمة العدو الخفي الملامح، وبما وهبها الله من إمكانات فكرية ومادية وطبية، فيما انسحبت بعض الدول ومن في معيتها من شعوب من ميدان معركة المصير في مواجهة الجائحة.. إما لافتقارها للقدرة المالية، وإما لعدم مواكبتها للتطورات العلمية والطبية الكفيلة بإيقاف زحف الجائحة.
ألف ليلة وليلة، تصدّت لها أقلام وأفلام ودراسات ومقالات وروايات ومسرحيات وقصص وقصائد، ملأت صحفاً ومجلات وكتباً وموسوعات بكل اللغات وفي كل الأوساط الثقافية العالمية، لنصل اليوم إلى عام ميلادي جديد (2023)، مودّعين عاماً ميلادياً أودعنا فيه أعمالنا بإيجابياتها وسلبياتها، بنجاحاتنا وإخفاقاتنا، وبكل ما بدر منّا من أقوال وأفعال، مرضيّ عنها أم مخيبة للسوية السلوكية، الكامنة كانت أم المستترة.. ومودّعين بقلق جائحة اجتاحت العالم على مدى ثلاثة أعوام ميلادية، إلا أنها تلوح في الأفق بين وقت وآخر في أماكن متفرقة من العالم، للقيام بمهمتها الوبائية الرامية إلى حصد أكبر قدر من أرواح البشر.
نعم، فبعد ألف ليلة وليلة، بفضل من الله، وبحكمة وحنكة القيادة الرشيدة، وبثقافة الشعب الإماراتي الأمين، وبثقة المقيمين على أرض الإمارات السمحاء، عادت الحياة في دولة الإمارات إلى طبيعتها المجتمعية، بشعائرها الدينية، وعاداتها الاجتماعية العزيزة على النفوس، في مجتمعات الأعمال، وفي مؤسسات التعليم، وفي سائر الأماكن وفي مختلف المناسبات، إلا أنّ أمراً كهذا يتطلب الحيطة والحذر، وعدم الانسياق وراء رغباتنا في العودة إلى الحياة المجتمعية الطبيعية المتعافية، دون وضع سقف لتلك الرغبات المغريات، فسلامة العباد والبلاد، أمر يتطلب اتخاذ الإجراءات المناسبة بين الحين والآخر.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdzhu9r3

عن الكاتب

أديب وكاتب وإعلامي إماراتي، مهتم بالنقد الأدبي. يحمل درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، من جامعة بيروت العربية. وهو عضو في اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات، وعضو في مسرح رأس الخيمة الوطني. له عدة إصدارات في الشعر والقصة والمقال والدراسات وأدب التراجم

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"