الطفل وفن إثارة الأسئلة

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل عرفت الآن متى يجب أن تبدأ التربية العلمية للأطفال؟ الحديث الآن عن أفضل السبل إلى تحفيز التفكير العلمي لدى الصغار. بيئة الطبيعة رائعة، فهي تعشق المرح والدعابة، لكن اللعب عندها ليس لهواً بلا معنى ولا غاية. كل لعبة لها متعة ووراءها أهداف استراتيجية. لعلها تذكّرك بقول الطغرائي: «حلو الفكاهة مرّ الجدّ قد مزجت.. بقسوة البأس منه رقّة الغزلِ».
المهم منذ البداية هو تطبيق الأساليب العلمية مع الأطفال: المقارنة، الاستدلال، الإثبات. من الأفضل تجنّب عرض الأشياء على طريقة الأوامر التعليميّة والنصائح المتعالية. في الطبيعة والكون بدائع تنمّي التفكير العلمي وتشحذه وتغذي الخيال وتُوسِّع آفاقه، وفوق ذلك تجعل الإيمان مشرقاً في الأذهان.
هل ترى تلك الشمس؟ إنها تنير حياتنا مجّاناً. حمداً لله على إعفائنا من دفع الفاتورة. هل سألت نفسك مرة: ماذا لو أرادت الشمس أن تطالب الأرض بتسديد فاتورة الكهرباء؟ نحتاج إلى بضع عمليات حسابية: الشمس تستوعب في حجمها مليون كرة أرضية، ولكي تنير تستهلك في كل ثانية ستمئة مليون طن من الهيدروجين. هل تدرك كم يعادل هذا الرقم من ليترات البنزين. يساوي 6.4 مليون تريليون لتر بنزين، أي تقريباً نصف مياه محيطات الأرض وبحارها. معنى هذا أن مياه جميع البحار لو صارت بنزيناً فإنها تكفي لإنارة مصباح الشمس لمدة ثانيتين فقط، ونغرق بعد ذلك في الظلام الدامس. ما أجمل الآية التي تكررت مرّتين في القرآن الكريم في سورتين («إبراهيم» و«النحل»)، «وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها». ثمن ذلك البنزين بسعره في الإمارات اليوم قرابة عشرين مليون تريليون درهم، أي عشرين مليارِ مليار درهم، أي أن الشمس تستهلك في ثانية واحدة ما يعادل اقتصاد أمريكا في عام، ثلاثمئة ألف مرة. شمسنا هذه ليست كبيرة جدّاً قياساً على الشموس العملاقة في الكون. هي بالنسبة إلى الشموس العظمى مثل الشمعة أمام كل مصابيح مدن كثيرة لو جمعت في مصباح واحد.
هذه الصورة فضفاضة يمكن اختزالها واختصارها إلى حد الأدنى، أو التوسع فيها بما يتناسب والسن ومستوى التلقي والاستيعاب. دائماً يجب أن يعلم المربّي أكثر ممّا يحتاج إلى عرضه. القاعدة هي جعل الصغير يسأل ويتطلع ويندهش، ويحبّ الاكتشاف والاطلاع، وحتى عندما لا تجتذبه الأشياء يجب دفعه إلى الاستفهام، فالأسئلة أساس المعرفة.
لزوم ما يلزم: النتيجة القياسية: مثال الشمس نموذج لتنمية حب الاطلاع والافتتان بالمحيط الذي كله سحر وعجائب.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mwj4a5kw

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"