إعداد: جيهان شعيب
سيبقى عام 2008 متصدراً الذاكرة بفرحة متوهجة، عمّت أرجاء إمارة دبي حينذاك، ولا تزال في أوجها، لتولي سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، في ذاك العام ولاية عهد دبي المتألقة، وليقود سفينة مسؤولياته بتميّز، وأداء مهامه باقتدار لافت، مستنيراً برؤية والده صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ونصائحه وتوجيهاته، والذي يُعد ملهمه الأول، ونبراسه الأعلى، في التفكير المحلّق الدائم، لتحقيق التفرّد والتميز، وتسجيل ريادة مشهودة.
وتصادف في الأول من فبراير/ شباط الذكرى السنوية ال 15 لقرار صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، تعيين نجليه سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولياً لعهد دبي، وسمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم نائباً لحاكم دبي.
على مدار 15 عاماً من ولاية عهده، أطلق سموّ الشيخ حمدان مبادرات غير مسبوقة، وقدّم عطاءات يتحدث بها الجميع، فضلاً عما تحويه جعبته من مواهب متنوعة، وبارزة، فسموّه شاعر مرهف الحسّ، مؤثر بالكلمة، وفارس مغوار في مضامير السباقات، ورياضي مشغوف بمجالاتها، فضلاً عن اهتمامه المتواصل بالابتكار، وتشجيع التطوع، ودفع عجلة الاقتصاد، وغيرها.
«فزّاع» بالخير
ولا شك في أن لقب سموّه «فزّاع»، يوافقه قولاً وفعلاً، حيث إنه سبّاق بالخير، ساعٍ إلى العطاء، مبادر بكرم ورحمة في نجدة من هم في محنة، أو من يواجهون مأزقاً، مع حرصه على تخفيف المنغصات، وحل المشكلات، وإدخال السعادة إلى قلوب سائلين، والفرحة لبيوت الطالبين، ومساندة الجميع، ولنشأة سموّه دورها في تشكيل تكوينه الإنساني، الذي يعدّ التواضع صفة أصيلة فيه، وطيب الشمائل عنواناً دالّاً عليه.
وعن سبب اختياره اسم «فزّاع» يقول سموّه: «المصادفة وحدها وراء اختياري لقب «فزّاع»، فقد شاءت الأقدار أن التقي ذات يوم «شايب» في البر، وقد «غرّزت» مركبته في الرمال، وكنت أنا واضعاً في سيارتي طيراً لي «خفّاق»، بمعنى كثير الخفق بجناحيه، أحاول تعويده التهدئة، بالسير بين الطعوس والعراقيب، وعندما رأيت هذا الشايب، وقفت بدافع الواجب، وساعدته في إخراج سيارته من الرمال.
وعندما ركبت سيارتي من دون أن أنتظر كلمة شكر، سمعت صوتاً قادماً وبقوة، موجهاً نحوي يقول «أنت فزّاع». فأثر الموقف بي وبطريقة قول الشايب لكلمة «فزّاع»، فتعلق الاسم بذهني، وتعلقت به، وللعلم هذا «الشايب» إلى الآن لا يعرف من أنا، وأنا لا أعرفه ولا أذكر سوى ملامحه فقط».
وسموّ الشيخ حمدان، ولد في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 1982، وهو الابن الثاني لصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، وسموّ الشيخة هند بنت مكتوم بن جمعة آل مكتوم، ويعود في نسبه إلى قبيلة «البوفلاسة» العريقة، وهي أحد فروع قبيلة «بني ياس».
وتلقى دراسته الابتدائية والثانوية في «مدرسة راشد الخاصة» في دبي، ومن ثم استكملها في بريطانيا، حيث تخرج في عام 2001 في أكاديمية «ساند هيرست» العسكرية الملكية العريقة، وحصل على عدد من الدورات التدريبية الاقتصادية المتخصصة في كليتي لندن للاقتصاد، ودبي للإدارة الحكومية.
ورغم ذلك، فسموّه يؤكد أن مدرسة صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، هي الأهم والأكثر تأثيراً في حياته، وعن ذلك يقول: تخرجت في مدرسة محمد بن راشد، وتعلمت وما زلت أتعلم منه كل يوم. كما أحرص على الاستنارة بآرائه وتوجيهاته في كثير من الأمور الاستراتيجية، فهو مثل أعلى لي ولجميع أبناء الوطن في مواجهة التحديات، وفي التصميم على تحقيق الهدف.
الانضباط والالتزام
والمتتبع لمسيرة سموّ الشيخ حمدان، يجد أن مهامه المتعددة، ومسؤولياته الجسام، لم تحل بينه وبين التواصل المستمر مع المواطنين، للوقوف على شؤونهم، من دون حواجز أو قيود، حيث طيب الأصل، ركيزة سموّه في التعامل بتلقائية مع الجميع، حين يلقاهم في أي من الأماكن العامة، متتبعاً في ذلك نهج والده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد.
ويتمتع سموّه بالانضباط، والالتزام، لطبيعة الحياة العسكرية التي عاشها خلال دراسته في كلية «ساند هيرست»، وعن ذلك يقول «ما يتعلمه المرء في الكليات العسكرية العريقة، مثل «ساند هيرست»، يتمحور حول قيم الانضباط، والمسؤولية، والالتزام، وهي قيم حيوية يحتاج إليها الإنسان في حياته العملية، والخاصة، إذا كانت تترتب عليه مسؤوليات كبيرة».
شاعر مرهف
وتمثلاً بصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، برع سموّ الشيخ حمدان، في قرض الشعر خاصة النبطي، وكان للقائد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، دوره في تشجيعه وتوجيهه، مع الاستماع إلى أشعاره. وأصدر سموّ الشيخ حمدان، بالفعل مجموعات شعرية عدة، بعضها لحّنه وغناه فنانون مميّزون. وعن الشعر يقول: «يمثل هويتي وشخصيتي الشعرية، ولعلي أستطيع بأشعاري وقصائدي أن أدخل الفرح إلى قلوب الناس، وأن أسهم - ولو بشكل قليل - في تخفيف معاناتهم، بالتعبير عن طموحاتهم وآمالهم، وإبراز القيم والمبادئ الأصيلة للشعب الإماراتي».
فارس مقتدر
ورياضة الفروسية العريقة، العشق الأساسي لسموّ الشيخ حمدان، ومنذ طفولته ارتبط بسباقات القدرة، وبرع في بطولاتها، المحلية والعالمية، وتضمنت أبرز إنجازاته العالمية في ذلك، انتزاع ذهبية فردي بطولة العالم للشباب في الثامن من سبتمبر/ أيلول 2001 في إسبانيا، والتتويج بلقب سباق كأس ملك إسبانيا في 27 إبريل/ نيسان 2002 لمسافة 152 كلم، والفوز في ديسمبر/ كانون الأول 2005 بلقب بطولة أوروبا المفتوحة للقدرة في كوميين بفرنسا، والفوز بالميدالية الذهبية للفرق لبطولة الألعاب الآسيوية للقدرة بالدوحة في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2006، وقيادة منتخب الإمارات للفوز بالميدالية الذهبية لبطولة العالم للقدرة للفرق التي أقيمت في ماليزيا 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2008.
وأسهم سموّه، كذلك، في فوز الإمارات بالميدالية الذهبية لبطولة أوروبا المفتوحة للناشئين في دوناشغن بألمانيا، يوم 14 أغسطس/ آب 1999، وفي انتزاع الميدالية الذهبية لبطولة أوروبا المفتوحة للقدرة في البرتغال في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 1999، والفوز في 9 يوليو/ تموز 2000 بسباق تاترسالز بنيوماركت لمسافة 140 كلم. كما فاز في فرنسا بميدالية ذهبية في بطولة العالم للفروسية 2014 التي أقيمت في نورماندي، فضلاً عن ذهبية الفريق في 2012، وميدالية برونزية 2010، وغير ذلك.
ومن أهم إنجازات سموّه، العربية الفوز ببطولة طيران الإمارات للقدرة في سوريا لمسافة 120 كلم، يوم 5 مايو/ أيار 1999، والتتويج بلقب سباق وادي رم الدولي للقدرة لمسافة 120 كلم، والتتويج ببطولة قطر الدولية للقدرة والتحمل لمسافة 120 عام 2008، والظفر بكأس ملك البحرين لمسافة 120 كلم في 5 مارس/ آذار 2008، والفوز في 31 مايو/ أيار 2008 مناصفة مع والده فارس العرب، بلقب سباق بطولة سوريا للقدرة لمسافة 120 كلم، وغير ذلك.
تحدي اللياقة
وأطلق سموّه، في 2 أكتوبر 2017، مبادرة «تحدي دبي للياقة»، لجعل دبي إحدى أكثر المدن نشاطاً، وممارسة للرياضة في العالم، ببرنامج متكامل صُمم خصيصاً لهذا التحدي المبتكر، الرامي إلى تحفيز سكان دبي وزوارها، على زيادة نشاطهم البدني، والالتزام بتخصيص 30 دقيقة يومياً على الأقل، لمدة 30 يوماً في ممارسة مجموعة متنوعة من أنشطة اللياقة البدنية، والرياضات المختلفة، وغير ذلك.
مبادرات متميّزة
بالنظر في مبادرات سموّ الشيخ حمدان بن محمد، نجد إطلاقه حملة «مدينتك تناديك» للتطوع، عبر تطبيق «يوم لدبي» لإتاحة المجال أمام أفراد المجتمع كافة، للمشاركة في عدد من الأنشطة التطوعية، كلٌّ في مجال خبراته ومعارفه. كما أطلق في 4 مارس 2018، مبادرة «الألعاب الحكومية» أول مبادرة من نوعها في العالم، تحت شعار «فريق واحد هدف واحد»، وتستهدف ترسيخ مبدأ العمل الجماعي، وروح الفريق الواحد بين موظفي الحكومة، وتركز على أهمية العمل بروح الفريق الواحد، للوصول إلى هدف مشترك، لكونها الأولى في مستوى الحكومات، في تعزيز قيم التعاون والانسجام والتفكير الاستراتيجي والقوة البدنية. وتأتي هذه المبادرة تجسيداً لمقولة صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، «الرياضة تعلّمنا الإصرار، والعمل الجماعي، واحترام القوانين، والعدالة مع خصومنا».
وتجسيداً لتوجيهات صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، بضرورة تعزيز دور المسؤولية المجتمعية بين الأفراد، أطلق سموّ الشيخ حمدان بن محمد، مبادرة «يوم لدبي»، بهدف ترسيخ روح التطوع، بتخصيص أفراد المجتمع يوماً واحداً سنوياً على الأقل، للأعمال التطوعية ضمن مختلف أشكال الأنشطة التطوعية، التي يمكن أن يبادر بها المتطوعون بتخصيص جزء من وقتهم، وبما يتناسب ومواهبهم، أو خبراتهم العملية، أو الانخراط في نشاط تطوعي مع مبادرات الجهات، أو المنظمات المختلفة لخدمة المجتمع.
