عادي

الإنماء في الإسلام

22:55 مساء
قراءة دقيقتين
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

الإنماء في اللغة العربية من أنمى يُنمي إنماء، أي أنعشه وطَوّره، فتقول: فلان أنمى اقتصاد بلاده، أي طوّر تجارته وثروته.

والإنماء في شريعة الإسلام إذا كان في مال يملكه الإنسان فهو مشروع، لأن الله تعالى يقول: «وأحل الله البيع وحرّم الربا»، الآية 275 من سورة البقرة.

ويقول الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم». الآية 29 من سورة النساء.

وفي الحديث الشريف أن الرسول، صلى الله وسلم، دفع إلى عروة البارقي ديناراً ليشتري له شاة فاشترى شاتين، فباع إحداهما بدينار، وأتى النبي بشاة ودينار، فدعا له الرسول بالبركة. رواه أبو داوود.

والإنماء ثابت بإجماع الصحابة أيضاً أنهم كانوا يدفعون مال اليتيم مضاربة؛ بل وبُعث الرسول، صلى الله عليه وسلم، والعرب يومئذ يتعاملون بالشركة والمضاربة، والرسول أقرّهم على ذلك ولم ينكر عليهم، انظر: «البدائع» ج6 ص 58-59، وانظر: «منح الجليل» ج3- ص280، و«المهذب» ج1 - ص391، و«منتهى الإرادات» ج2 - ص319.

ثم إن الإنماء إذا كان في حلال، يقرّه الإسلام لأن فيه مصلحة المال ومصلحة الناس، ومن مقاصد الشريعة الخمسة حفظ المال.

ومن مصلحة المال أن ينميه صاحبه في تجارة أو صناعة أو زراعة أو أي مجال يقرّه الإسلام.

والمال يصح إنماؤه كما قلنا، لكن شريطة أن ينوي صاحب المال خيراً أو نفع أحد، فلا بأس للإنسان أن يوسع على نفسه أو عياله، أو يستزيد لقضاء ديونه، أو عمل مشاريع خيرية تنفع المجتمع.

كما أن الفقهاء أجازوا التوسع في الإنماء واكتساب المزيد من المال إذا كان القصد منه التجمل والتنعم في حدود الحلال، وفي الحديث: «نعم المال الصالح للرجل الصالح» رواه أحمد.

وفي المقابل، لا يصح أن نستشهد بالآية الكريمة: «وأحلّ الله البيع» ثم لا نكمل الآية، فالله تعالى أحلّ لنا البيع والشراء، ولكنه حدّ حدوداً فلا يجوز أن نتجاوز تلك الحدود بحجة مشروعية إنماء المال.

فالله تعالى شرع البيع والتجارة لكنه حرّم الربا والقمار والغش والتجارة في المحرّم من المطعوم والمشروب، انظر: «كفاية الطالب الرباني» ج2- ص332 وانظر: «المهذب» ج1- ص 334.

خلاصة القول: إن المال إذا زاد على حاجتك جاز لك أن تتجر فيه بقصد إنمائه وزيادته، لكن لا تنس إن إنماءه بطريقة التسلف والاقتراض الذي يترتب عليه دفع الربا غير جائز شرعاً، لأنك لست مضطراً إلى فعل ذلك المحرم.

والله تعالى عند ما أباح لك، أيها المسلم، أكل الميتة أباحه لك لأنك مضطر، وقيد الفقهاء الاضطرار بأن يكون ذلك بقدر أن يسدّ رمقك كما يقول الجمهور، لا أن تأكل حتى الشبع أو تتعود عليه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n7hzaet

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"