الاستثمار في الحوكمة

22:01 مساء
قراءة 3 دقائق

باتريشيا توريس *

مع استعداد منطقة الشرق الأوسط لاستضافة ثاني نسخة من مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، يطرح الاستثمار في الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، العديد من التحديات المعقدة للمستثمرين في المنطقة نتيجة ندرة البيانات، حيث إن 12% فقط من الشركات المدرجة في منطقة الخليج ومصر والأردن، تحرص على الكشف عن بيانات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية الخاصة بها، وفقاً لبيانات «بلومبيرغ».

لهذا السبب، يمكن أن تفوِّت الشركات والمستثمرون في المنطقة فرصة كبيرة؛ إذ تواجه شركات الاستثمار طلباً متزايداً من العملاء على منتجات الاستثمار في الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية التي تدمج استراتيجيات مفاهيمية مختلفة للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، وتتوافق مع المتطلبات التنظيمية.

ويُدرك القطاع المالي بشكل متزايد المخاطر التي يمكن أن تنشأ عن الأزمة الوشيكة للمناخ، والتنوع البيولوجي. ويمكن تقسيم مخاطر المناخ إلى نوعين من المخاطر المترابطة: المخاطر المادية التي يمكن أن تتعرض لها الأصول المختلفة، مثل الفيضانات والعواصف على سبيل المثال، والمخاطر المرتبطة بالتحول إلى اقتصاد منخفض الكربون، مثل الحاجة إلى شطب احتياطيات الوقود الأحفوري. وفي حال عدم إدارة هذه المخاطر بشكل جيد، يمكن أن يكون لها تأثير كبير في النتائج المالية للشركات.

ولهذا السبب بدأنا نرى مبادرات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تهدف إلى دعم الانتقال إلى صافي انبعاثات صفرية.

قبيل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في دولة الإمارات (COP28) اتخذت الدولة خطوة مهمة في هذا الاتجاه، بفضل إطلاق خطتها للوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري بحلول عام 2050. كما يعدّ بنك أبوظبي الأول رائداً في هذا الاتجاه؛ إذ أصبح أول بنك خليجي ينضم إلى تحالف «بنوك الانبعاثات الصفرية» الذي يلتزم بأن يكون الإقراض والاستثمار متوائمين مع هدف الوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري بحلول عام 2050.

ومع ذلك، لا بد من معالجة عدد من التحديات الرئيسية بغية تحقيق كامل إمكانات الاستثمار في الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في المنطقة. وعلى الرغم من القدر الكبير من الأدلة التي تثبت حقيقة تغير المناخ، فإن هناك نقصاً في البيانات الموثوقة المتعلقة بانبعاثات غازات الاحتباس الحراري الخاصة بالشركات على المدى القصير والمتوسط والطويل، إضافة إلى التوقعات حول معدل العوائد للمشاريع الخضراء والنفقات الرأسمالية.

يحتاج المستثمرون إلى هذه المعلومات لاتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة، تأخذ في الاعتبار البصمة الكربونية لمحفظتهم، والمساهمة المحتملة في ارتفاع درجات الحرارة. كما أنهم بحاجة إلى مزيد من البيانات حول كيفية إدارة الشركات والاستعداد لمخاطر المناخ.

يتمثل التحدي الآخر في إمكانية «الغسل الأخضر»، أو تضخيم جهود الاستدامة للشركة، وتقديمها على أنها أكثر أهمية وتأثيراً مما هي عليه في الواقع. يمكن للمستثمرين تجنّب الوقوع ضحية ل«الغسيل الأخضر»، عبر إجراء بحث شامل حول ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية للشركة، والسعي عن طريق جهة خارجية إلى التحقق المستقل من ادعاءات الشركة في ما يتعلق بأدائها في مجال الاستدامة.

يسلط هذا التحدي الضوء على أهمية معالجة مسألة نقص البيانات التي تبلّغ عنها الشركات بشأن أدائها في مجال الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية؛ إذ يؤدي النقص في هذه المعلومات إلى صعوبة اتخاذ قرارات مستنيرة من قبل المستثمرين بشأن الشركات التي يستثمرون فيها؛ إذ قد لا يتمكّنون من الوصول إلى جميع المعلومات اللازمة لتقييم مخاطر الشركة وفرصها.

لحل هذه المشكلة، لا بد لمجتمع الأعمال والحكومة والمشرّعين من أن الاجتماع معاً والانخراط في دور فاعل لتعزيز الكشف والإبلاغ عن هذه البيانات في المنطقة، والتوافق مع المعايير العالمية المعمول بها.

على الرغم من هذه التحديات، فإن الاستثمار في الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يوفر إمكانات كبيرة للمستثمرين.

* الرئيس العالمي لحلول التمويل المستدام في «بلومبيرغ إل بي».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8pabze

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"