الصين والنفط الروسي

22:05 مساء
قراءة 3 دقائق

كلايد راسل *

هل حان الوقت لإعادة التفكير في الكيفية التي ينظر بها السوق إلى واردات الصين من النفط الخام، لمراعاة زيادة حصة الإمدادات الروسية إلى أكبر مستورد في العالم؟ لربما من خلال النظر إلى اتجاه المستوردين من المُصدرين (بخلاف روسيا) نستطيع الحصول على صورة أكثر دقة لواردات الصين من النفط الخام، والتأثير المحتمل في الأسعار.

يرجع ذلك إلى أن روسيا أصبحت منفصلة إلى حد كبير عن سوق النفط الخام العالمي، بالنظر إلى أن نفطها يخضع لعقوبات من قبل المشترين الغربيين، مع تطبيق الحد الأقصى للأسعار من مجموعة الدول السبع، ويعتمد بشكل متزايد على مجموعة محدودة من المشترين.

فمنذ ال 24 من فبراير/شباط العام الماضي، وقت اندلاع الأزمة العسكرية بين روسيا وأوكرانيا، تأثرت أحجام صادرات الخام الروسي، لكن الصين والهند تدخلتا لشراء النفط الروسي ذي الأسعار المخفضة.

وإذا كان الرأي القائل بأن الخام الروسي لم يعد لاعباً أساسياً في أسعار بقية النفط العالمي صحيحاً، فإن استبعاد الإمدادات الروسية من بيانات واردات الصين قد يوفر مشهداً أكثر وضوحاً لحالة السوق الحالية والمستقبلية.

ارتفعت واردات الصين من النفط في الأشهر الأخيرة، من جانب، تحسباً لإعادة فتح الاقتصاد من الضوابط الوبائية، ولأن بكين منحت المزيد من حصص تصدير المنتجات المكررة للسماح لمصافي التكرير بالوصول إلى هوامش عالية للوقود في آسيا، وخاصة الديزل، من جانب آخر.

لكن بينما كانت واردات الصين من النفط الخام تسير في ارتفاع مطرد، كان لروسيا الحصة الأكبر من التوريد. لذلك، في حين أن طلب البلاد من الإمدادات من المنتجين الآخرين آخذ في الارتفاع، إلا أنه ارتفع بشكل أبطأ من الإجمالي.

على سبيل المثال، قدرت بيانات «رفينيتيف أويل ريسيرش» إجمالي واردات الصين عند 8.75 مليون برميل يومياً في يونيو/حزيران، وهو أدنى مستوى لعام 2022. في حين بلغت الواردات في نوفمبر/تشرين الثاني 11.42 مليون برميل يومياً، وهي الأعلى لعام 2022. وإذا تم استبعاد واردات الخام الروسي، فإن تدفقات يونيو هي 6.97 مليون برميل في اليوم و9.52 مليون برميل في نوفمبر.

وأظهرت بيانات «رفينيتيف» أيضاً أنه في فترة ما قبل الحرب الروسية الأوكرانية من يناير/كانون الثاني 2021 إلى فبراير/شباط 2022، بلغ متوسط واردات الصين المحمولة بحراً من روسيا حوالي 590 ألف برميل في اليوم. بينما في فترة ما بعد الحرب حتى ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، حققت الواردات حوالي 857 ألف برميل يومياً، بزيادة قدرها 267 ألف برميل، أو حوالي 45%. مما يعني أن واردات خطوط الأنابيب الصينية من روسيا ظلت ثابتة عند حوالي مليون برميل يومياً.

من المحتمل أنه مع بدء سريان الحظر المفروض من الاتحاد الأوروبي على واردات النفط الخام من موسكو في 5 فبراير الجاري، في إطار أحدث حزمة للعقوبات منذ اندلاع الحرب الأوكرانية، ستكون الصين قادرة على تعزيز مشترياتها من روسيا. ويمكن لبكين تجنيد ناقلاتها لجلب النفط من موانئ روسيا الغربية ونقله إما عبر قناة السويس أو حول رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا.

وهذا يثير احتمال أن ترتفع حصة روسيا من واردات الصين من النفط الخام إلى مستوى أعلى. في المقابل، قد يعني هذا أن المصافي الصينية لن تضطر إلى زيادة مشترياتها كثيراً من الموردين الآخرين، حتى لو كان ذلك بهدف تعزيز المستوى الإجمالي لوارداتها.

لكن سوق الخام العالمي ليس لعبة محصلتها صفر، ومصافي التكرير الأوروبية التي كانت تعتمد في السابق على الخام الروسي تشتري الآن درجات بديلة، مع ارتفاع الواردات من الشرق الأوسط وإفريقيا. ومع ذلك، كشفت معدلات الاستيراد عن حجم الاعتماد الأوروبي على الوقود الروسي، إذ ما زال عدد كبير من سيارات القارة يعمل بالديزل، بالتوازي مع عدم كفاية قدرات التكرير في القارة على تلبية الطلب.

ورغم الإجراءات القوية التي سعت أوروبا من خلالها إلى ردع روسيا عن حربها في أوكرانيا سواء من الحكومات أو الشركات، كان الديزل الروسي يشكل نصف الواردات الأوروبية من الوقود، بحسب بيانات «ريفينيتيف». وحتى يوم 12 يناير 2023، بلغت مستويات تخزين الديزل الأوروبية أعلى مستوياتها منذ أكتوبر 2021، وفقاً ل «إنسايتس غلوبال للاستشارات».

وعليه، سيكون لإعادة مواءمة التدفقات التجارية هذه تأثير في كيفية تسعير مختلف أنواع النفط الخام، حيث من المحتمل أن يتم دعم الدرجات التي تشتريها أوروبا لتحل محل خام الأورال الروسي. ولكن إذا كانت الصين تحصل على الكثير من خامها الإضافي من روسيا، فقد يعني ذلك أنها لا تدفع أسعار درجات أخرى من النفط بالقدر الذي كانت تدفعه في الماضي.

* كاتب في (رويترز)

 

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2ax2vsw6

عن الكاتب

كاتب في رويترز

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"