عادي

بلينكن إلى الصين.. هل يتغير «حوار الطرشان»؟

22:58 مساء
قراءة 4 دقائق
بايدن وشي يتصافحان(أ.ب)

كتب - بنيمين زرزور:

ما لم تكن الحرب في أوكرانيا قد غيّرت منطلقات التخطيط الاستراتيجي في عاصمتي البلدين، فإن اللقاء المرتقب بين وزيري خارجية الصين والولايات المتحدة بعد يومين قد لا يتجاوز حدود حوار الطرشان.

صحيح أن صنّاع القرار يدركون تماماً تبعات الانزلاق وراء التصعيد وما قد يسفر عنه من دمار، إلا أن سلسلة الاتفاقات التي أبرمت حتى الآن في إطار سياسة حصار الصين والتغيرات التي أجرتها واشنطن مع حلفائها في منطقة المحيطين الهندي والهادي، قد لا تدع منفذاً للتراجع، حفاظاً على ماء الوجه على الأقل مع دول صديقة مثل اليابان وكوريا الجنوبية، وضماناً للردع الاستباقي لكل ما قد تفكر الصين القيام به لتغيير خريطة الهيمنة وتأمين المصالح القومية لكل طرف في المنطقة.

وأياً كانت بواعث التحرك في هذه المرحلة الحساسة، لن يكون إغلاق أي منهما الباب في وجه الحوار قراراً حصيفاً خاصة لدى واشنطن التي زجت بثقلها في مواجهة الروس في الحرب الأوكرانية، وبالتالي من مصلحتها عدم فتح جبهات أخرى ربما تكون تايوان أكثرها سخونة.

وقد أوضحت الصين بمناسبة الزيارة أنها مستعدة للتعاون مع الولايات المتحدة في مجالات التجارة وتغير المناخ، لكن موقفها لن يتغير من القضايا المتعلقة بالدفاع والأمن، وخصوصاً تجاه تايوان وضرورة استردادها.

وقد أجرى مسؤولون من البلدين اتصالات حول التجارة والتغير المناخي في الأيام الأخيرة ووافقوا على متابعة الحوار، بينما رفضت بكين عرضاً أمريكياً لإجراء محادثات عسكرية بشأن التوترات في بحر الصين الجنوبي.

لقاءات عبر الفيديو

وخلال مؤتمر بالفيديو جمعه مع رئيس مجلس الأعمال الأمريكي -الصيني كريغ ألين يوم الخميس قبل الماضي، قال وزير التجارة الصيني وانغ وينتاو: إن الصين مستعدة للاستماع إلى آراء الشركات الأمريكية والعمل مع واشنطن، لتعزيز التعاون. لكن وانغ حث الولايات المتحدة على رفع القيود المفروضة على الشركات الصينية وعدم اعتبار الصين منافساً استراتيجياً.

وعقد مبعوث المناخ الصيني شيه تشن هوا قبل أيام، اجتماعاً بالفيديو أيضاً مع نظيره الأمريكي جون كيري. وجاء في بيان مقتضب من وزارة البيئة الصينية أن «الجانبين اتفقا على مواصلة الحوار حول التعامل بشكل مشترك مع التحدي المتمثل في تغير المناخ».

ويمكن اعتبار رحلة بلينكين التي طال انتظارها للصين، متابعة لاجتماع الرئيس جو بايدن مع الزعيم الصيني، شي جين بينغ، في إندونيسيا في نوفمبر/ تشرين الثاني على هامش قمة العشرين؛ حيث تعهد بايدن «بالمحافظة على خطوط اتصال مفتوحة» مع بكين في وقت تتفاقم فيه التوترات الثنائية.

زيارة اختبار

وتعد الزيارة اختباراً لمخرجات اجتماع بايدن- شي خاصة فيما يتعلق بتطوير العلاقات بين البلدين في وقت أصبح فيه توتر العلاقة أكثر حدة بشأن قضايا مثل تايوان والسياسة التجارية، وما تدعيه واشنطن من مخاوف بشأن سجل بكين في مجال حقوق الإنسان.

وقالت سوزان شيرك، نائبة مساعد وزيرة الخارجية السابقة ورئيسة مركز أبحاث الصين التابع لجامعة كاليفورنيا: «في بعض الأحيان يجب أن تسوء العلاقات بين الولايات المتحدة والصين بشكل خطر قبل أن تتمكن الحكومتان من بذل الجهود لتحسينها».

وقالت شيرك: إن رحلة بلينكين إلى بكين ستعكس ما إذا كان الحزب الشيوعي الصيني الحاكم، «على استعداد لتعديل السياسات الخارجية والمحلية لخفض الفواتير التي رتبتها تلك السياسات على النمو».

وعلى الرغم من أن أياً من الطرفين لم ينشر بيانات رسمية حول جدول أعمال الزيارة، فإن المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس قال الشهر الماضي: إن «حرب روسيا ضد أوكرانيا ستكون على جدول الأعمال».

ومن المرجح أيضاً أن يسعى بلينكين إلى رفع «تعليق» الاتصالات الثنائية رفيعة المستوى - بما في ذلك التعاون في مكافحة المخدرات والحوارات العسكرية - التي فرضتها بكين في أغسطس/ آب الماضي رداً على زيارة رئيسة مجلس النواب آنذاك نانسي بيلوسي إلى تايوان. ويتعرض بلينكين أيضاً لضغوط، للمطالبة بالإفراج عن المواطنين الأمريكيين المحتجزين في الصين ولإثارة مخاوف الإدارة بشأن ما أشارت إليه وزارة الخارجية الأسبوع الماضي على أنه «زيادة الصين المستمرة والمتسارعة في ترسانتها النووية».

ويقول بلينكين: إن الولايات المتحدة «لا تبحث عن صراع أو حرب باردة جديدة» مع الصين.

وقد أشار وزير خارجية الصين الجديد - الذي تولى منصبه في يناير/ كانون الثاني الماضي بعد 17 شهراً قضاها سفيراً لبلاده لدى الولايات المتحدة - إلى أنه منفتح على إنجاح زيارة بلينكن. وفي تغريدة وداع في وقت سابق من هذا الشهر، أشاد تشين «بالاجتماعات الصريحة والعميقة والبناءة» التي عقدت مع بلينكين سابقاً، وقال: إنه يتوقع «استمرار علاقات العمل الوثيقة معه من أجل تطوير العلاقات بين الصين والولايات المتحدة».

وفي مقال رأي نشرته صحيفة «واشنطن بوست» في وقت سابق من شهر يناير/ كانون الثاني، قال تشين: إن «العلاقات الثنائية ستظل مفتوحة».

وهذه إشارة إلى أن بكين تريد وقف الانزلاق في العلاقات الثنائية الذي دفع الولايات المتحدة إلى تقييد صادرات الرقائق الدقيقة المستخدمة في الحوسبة المتقدمة والتطبيقات العسكرية وتعميق تحالفها العسكري مع اليابان، خصم الصين الإقليمي.

آمال وظلال

لكن وزير الخارجية السابق وانغ يي، الذي صار بحكم منصبه الجديد كرئيس لمكتب اللجنة المركزية للشؤون الخارجية، أرفع دبلوماسي صيني بعد الرئيس، قد يجعل تلك المعركة صعبة.

فقد قال وانغ في خطاب ألقاه الشهر الماضي: «استمرت الولايات المتحدة في اعتبار الصين منافسها الأساسي ومارست بعناد حصاراً وقمعاً واستفزازاً صارخاً ضد الصين».

ويعتقد المراقبون أن التوترات بشأن بحر الصين الجنوبي وتوثيق العلاقات الأمنية بين واشنطن وطوكيو، ألقت بظلالها على العلاقات الصينية الأمريكية.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار زيارة الأمين العام لحلف الناتو الحالية إلى اليابان واستمرار واشنطن والحلف في تضييق الخناق على بكين، وما صدر عن الجنرال ما يكل مينيهان في سلاح الجو الأمريكي الذي قال: «حدسي يخبرني أننا سنقاتل الصين في عام 2025»، ندرك الصعوبات التي تواجه مثل هذا التحرك الدبلوماسي، على أهميته، في الوقت الذي تتفاعل أزمة تايوان لتزيد الوضع تعقيداً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5c5w6uuz

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"