عادي

حقوق الفقراء

22:54 مساء
قراءة 3 دقائق
أحمد حلمي

أحمد حلمي سيف النصر

اقتضت الحكمة الإلهية، أن يكون في المال نصيب مفروض للبائسين المحرومين يأخذونه من أموال إخوانهم الذين وسع اللّه عليهم في الرزق، إما بطيب خاطر ورضا نفس كالصدقات وأعمال البر، وإما على سبيل الوجوب والإلزام كالزكاة. لم يتعامل الإسلام مع مشكلة الفقر تعاملاً هامشياً، بل دخل في معترك الصراع الاجتماعي، مسلحاً بضوابطه الشرعية الدقيقة في تضييق الفوارق الطبقية، فشرع أولاً في إشباع حاجات الأفراد الأساسية من الطعام واللباس والسكن، وأمضى ما أقره المنطق والعقل فيما يتعلق بالخدمات الصحية، والخدمات الأساسية الأخرى كالنقل ونحوه، وقرر ثانياً أن للفقراء حقاً في أموال الأغنياء «وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ» الذاريات 19، ففرض نسبة محددة معلومة على الثروة الحيوانية والزراعية والمعدنية والنقدية ونحوها، تقتطع لحساب المحتاجين، وبذلك تعامل الإسلام مع صميم المشكلة الاجتماعية، بهدف إزالة أسباب الفقر والحرمان، واقتلاع جذور الفساد الاقتصادي.

والمال كل ما يتمول به، ويشمل كل ما يملكه الإنسان من أشياء معتبرة لها قيمة حقيقية كالمصانع والسيارات والعقارات والمزارع والذهب والفضة وغيرها، وهذا المال لا يعتبر في نظر الإسلام حقيقياً إلا إذا كان بطرقه الشرعية، فليس كل مال مهما كانت مصادر الحصول عليه يعتبر مالاً شرعياً، يستطيع المرء المسلم أن يتقرب به إلى اللّه من نفقات واجبة وصدقات يبتغى بها وجه اللّه.

إن الصدقة من أعظم أبواب البر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والصدقة برهان»، أي دليل على صدق إيمان العبد، لأنه بذلك يكون قد تغلب على الطبيعة المغروسة في الإنسان وهي الشح.«وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ»، التغابن:16.

وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالإكثار من الصدقة فقال: «أيها الناس تصدقوا»، وقال: «اتقوا النار ولو بشق تمرة». ويعظم أجر الصدقة عندما تكون صدقة سر، تلك الصدقة التي تنفقها بيمينك فلا تعلم شمالك بهذه النفقة مبالغة في السر، بحيث تكون أبعد عن الرياء والسمعة، هذه الصدقة تطفئ غضب الرب كما أخبر بذلك المصطفى، صلى الله عليه وسلم، فقال:«صنائع المعروف تقي مصارع السوء وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر»، فالصدقة لها تأثير عجيب في دفع أنواع البلاء قال الله تعالى آمراً نبيه «قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ»، إبراهيم:31.

ومن الأحاديث الدالة على فضل الصدقة قول رسول اللّه:«ما منكم من أحدٍ إلا سيُكلِّمُه اللهُ يومَ القيامةِ، ليس بينه وبينه تَرجمانُ، فينظرُ أيْمنَ منه، فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظرُ أشأَمَ منه، فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظرُ بين يدَيه، فلا يرى إلا النَّارَ تِلقاءَ وجهِه، فاتَّقوا النَّارَ، ولو بشِقِّ تمرةٍ»، متفق عليه.

إن المتصدق في ظل صدقته يوم القيامة كما في حديث عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله يقول:«كلُّ امرئٍ في ظلِ صدقتِه حتَّى يُقضى بينَ النَّاس». قال يزيد: «وَكَانَ أَبُو الْخَيْرِ لَا يُخْطِئُهُ يَوْمٌ إِلَّا تَصَدَّقَ فِيهِ بِشَيْءٍ، وَلَوْ كَعْكَةً، أَوْ بَصَلَةً»

وقد ذكر النبي أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله:«رجل تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه»، متفق عليه

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mvab5e6w

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"