الطفل العربي والفراغ الفنّي

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

ما هو نصيب أطفال العرب من كل فراديس الفنون؟ ميادين التربية الفنية في مستوى الصغار مأساة، فإن شئت عدم التجريح فقل إنها غائبة أو كالغول والعنقاء. الجوّ ليس قارس البرد، فدعنا نتحدث من دون قفازات، حتى نحقق قفزات فكرية في فلسفة التربية.

خذها مسلّمة، لا يمكن أن تكون تربية الطفل سليمة متوازنة إذا غابت التربية الفنية. ليس كافياً الاكتفاء بتعليم اللغة والعلوم، مع العلم أن تعليم العربية في العالم العربي يحتاج إلى تطوير جذري، لكونه مصاباً بعدم القدرة على إدراك الغاية الحقيقية من تحصيل اللغة، وهي تربية الإحساس بجمال العربية. حتى يومنا هذا لا تزال قواعد العربية تدرس كما لو كنّا في عالم ما قبل ألف سنة. الكثير ممّا يدرّس في النحو والصرف لا تجد اليوم مكاناً أو زماناً لاستعماله، لا في الجو ولا البرّ ولا البحر. أمّا العلوم فمناهجها تستدعي ثورة سنغافورية أو فنلندية.

ثم إن التربية الفنية لا يمكن أن تستقيم من دون تربية موسيقية أكاديمية مبكرة. يجب أن تدرك الأسرة والجهات المعنية أن الذوق في الأساس آليّة علمية. نحن نستعذب الموسيقى، لكن ما يجري في الدماغ أمر مختلف. الأمر شبيه بالحاسوب، نرى صوراً ونسمع أصواتاً، وهي عنده آحاد وأصفار. الدماغ يتعامل في الموسيقى مع تردّدات وذبذبات، فإذا كانت النسب والتناسبات سهلة القسمة والضرب، أدّت إلى إفراز الدوبامين هورمون السعادة، وإذا كانت العلاقات بين الترددات عسيرة الاستيعاب أحسّ بالنشاز وعدم التناسب، فأبدى الذوق نفوراً. لهذا يقول الخبراء إن التربية الموسيقية الأكاديمية المبكرة تدعم تلقائياً في ما بعد تعلم الرياضيات والفيزياء. علمياً ثبت بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي أنه لا يوجد علم أو فن كالموسيقى في تحفيز أكبر عدد من مناطق الدماغ في آن.

التربية الفنية الحديثة تطورت أساليبها على نحو مشهود وغير معهود في الموسيقى والفنون التشكيلية. لقد أضيفت إليها قيمة جديدة تتمثل في تبسيط الفنون على غرار تبسيط العلوم. المضاف لا يقل روعة وهو كيف نفهم ونستوعب فنستمتع بالأعمال الموسيقية والتشكيلية؟ «فرنسواز بارب جال» مؤرخة الفن الفرنسية من مؤلفاتها «كيف نتكلم عن الفن للأطفال».

لزوم ما يلزم: النتيجة الفراغية: لا يمكن سدّ هذا الفراغ بعمود واحد، فلعلك تطيق على القلم صبراً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ytcwpejj

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"